للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٢٢ - حدَّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حَدثنَا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا أبِي عنْ صالِحٍ قَالَ حدَّثني ابنُ شِهَابٍ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله قَالَ أخبَرَهُ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّ بِشاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ هَلَاّ انْتَفَعْتُمْ بإهَابِهَا قالُوا إنَّها مَيِّتَة قَالَ إنَّمَا حَرُمَ أكْلُهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (هلا انتفعتم بإهابها؟) لِأَنَّهُ يدل على أَنه ينْتَفع بجلد الْمَيِّت، وَالِانْتِفَاع بِهِ يدل على جَوَاز بَيْعه، لِأَن الشَّارِع خص الْحُرْمَة فِيهَا بِغَيْر الْأكل، وَغير الْأكل أَعم من أَن يكون بِالْبيعِ وَغَيره، وَظَاهره جَوَاز الِانْتِفَاع بِهِ، سَوَاء دبغ أَو لم يدبغ، وَهُوَ مَذْهَب الزُّهْرِيّ، وَكَانَ البُخَارِيّ أَيْضا اخْتَار هَذَا الْمَذْهَب، وَبِمَا ذَكرْنَاهُ يسْقط اعْتِرَاض من يُورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي أوردهُ تعرض للْبيع، والْحَدِيث أَيْضا أوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة.

وَرِجَاله سَبْعَة: زُهَيْر مصغر زهر ابْن حَرْب ضد الصُّلْح ابْن شَدَّاد أَبُو خَيْثَمَة، وَيَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبيد الله بن عبد الله بتصغير الابْن وتكبير الْأَب ابْن عتبَة بن مَسْعُود أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب الصَّدَقَة على موَالِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن سعيد بن عفير عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عبد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.

٢٠١ - (بابُ قَتْلِ الخِنْزِيرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قتل الْخِنْزِير: هَل هُوَ مَشْرُوع كَمَا شرع تَحْرِيم أكله؟ أَي: مَشْرُوع؟ وَالْجُمْهُور على جَوَاز قَتله مُطلقًا إلَاّ مَا رُوِيَ شاذا من بعض الشَّافِعِيَّة أَنه يتْرك الْخِنْزِير إِذا لم يكن فِيهِ ضراوة، وَقَالَ ابْن التِّين: وَمذهب الْجُمْهُور أَنه إِذا وجد الْخِنْزِير فِي دَار الْكفْر وَغَيرهَا وتمكنا من قَتله قَتَلْنَاهُ. قلت: يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى خِنْزِير أهل الذِّمَّة لِأَنَّهُ مَال عِنْدهم، وَنحن نهينَا عَن التَّعَرُّض إِلَى أَمْوَالهم. فَإِن قلت: يَأْتِي عَن قريب أَن عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، حِين ينزل يقتل الْخِنْزِير مُطلقًا. قلت: يقتل الْخِنْزِير بعد قتل أَهله، كَمَا أَنه يكسر الصَّلِيب لِأَنَّهُ ينزل وَيحمل النَّاس كلهم على الْإِسْلَام لتقرير شَرِيعَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا جَازَ قتل أهل الْكفْر حِينَئِذٍ سَوَاء كَانُوا من أهل الذِّمَّة أَو من أهل الْحَرْب، فَقتل خنزيرهم وَكسر صليبهم بطرِيق الأولى والأحق، ألَا تَرى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يضع الْجِزْيَة) ، يَعْنِي: يرفعها لِأَن النَّاس كلهم يسلمُونَ؟ فَمن لم يدْخل فِي الْإِسْلَام يقْتله، فَلَا يبْقى وَجه لأخذ الْجِزْيَة لِأَن الْجِزْيَة، إِنَّمَا تُؤْخَذ فِي هَذِه الْأَيَّام لتصرف فِي مصَالح الْمُسلمين، مِنْهَا دفع أعدائهم، وَفِي زمن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لَا يبْقى عَدو للدّين، لِأَن النَّاس كلهم مُسلمُونَ، وَيفِيض المَال بَينهم فَلَا يحْتَاج أحد إِلَى شَيْء من الْجِزْيَة لارتفاعها بذهاب أَهلهَا. فَإِن قلت: مَا وَجه دُخُول هَذَا الْبَاب فِي أَبْوَاب الْبيُوع؟ قلت: كَانَ البُخَارِيّ فهم أَن كل مَا حرم وَلم يجز بَيْعه يجوز قَتله، فالخنزير حرم الشَّارِع بَيْعه كَمَا فِي حَدِيث جَابر الْآتِي، فَجَاز قَتله، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة أَدخل هَذَا الْبَاب فِي أَبْوَاب الْبيُوع، وَقَالَ بَعضهم: وَوجه دُخُوله فِي أبوواب البيع الْإِشَارَة إِلَى أَن مَا أَمر بقتْله لَا يجوز بَيْعه. قلت: فِيهِ نظر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَنه يحْتَاج إِلَى بَيَان الْموضع الَّذِي أَمر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بقتل الْخِنْزِير، وَتَحْرِيم بَيْعه لَا يسْتَلْزم جَوَاز قَتله، وَالْآخر أَن قَوْله: (ماأمر بقتْله لَا يجوز بَيْعه) ، لَيْسَ بكلي، فَإِن الشَّارِع أَمر بقتل الْحَيَّات صَرِيحًا، مَعَ أَن جمَاعَة من الْعلمَاء، مِنْهُم أَبُو اللَّيْث، قَالُوا: يجوز بيع الْحَيَّات إِذا كَانَت ينْتَفع بهَا للأدوية.

وَقَالَ جابرٌ حَرَّمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْعَ الخِنْزِيرِ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن مَشْرُوعِيَّة قتل الْخِنْزِير كَانَ مَبْنِيا على كَونه محرما أكله، فَهَذَا الْقدر بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة يَكْفِي لوُجُود الْمُطَابقَة، وَهَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث البُخَارِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن جَابر، بِلَفْظ: سَمِعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>