الرّفْع على الخبرية تَقْدِيره: وَهِي أَن يكون. قَوْله: فهما بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْهَاء، قَالَ بَعضهم: هُوَ من صِيغ الْمُبَالغَة. قلت: هُوَ من الصِّفَات المشبهة، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: فَقِيها، قَوْله: حَلِيمًا يَعْنِي على من يُؤْذِيه وَلَا يُبَادر بالانتقام، وَقيل: الْحلم هُوَ الطُّمَأْنِينَة يَعْنِي: يكون متحملاً لسَمَاع كَلَام المتحاكمين وَاسع الْخلق غير ضجور وَلَا غضوب. قَوْله: عفيفاً أَي: يكف عَن الْحَرَام فَإِنَّهُ إِذا كَانَ عَالما وَلم يكن عفيفاً كَانَ ضَرَره أَشد من ضَرَر الْجَاهِل، وَيُقَال: الْعِفَّة النزاهة عَن القبائح أَي: لَا يَأْخُذ الرِّشْوَة بِصُورَة الْهَدِيَّة وَلَا يمِيل إِلَى ذِي جاه وَنَحْوه، قَوْله: صليباً على وزن فعيل من الصَّلَاة أَي: قَوِيا شَدِيدا يقف عِنْد الْحق وَلَا يمِيل مَعَ الْهوى ويستخلص حق المحق من الْمُبْطل وَلَا يتهاون فِيهِ وَلَا يحاميه. قَوْله: سؤولاً على وزن فعول أَي: كثير السُّؤَال عَن الْعلم مذاكراً مَعَ أهل الْعلم لِأَنَّهُ رُبمَا يظْهر لَهُ من غَيره مَا هُوَ أقوى مِمَّا عِنْده.
وَهَذَا الْأَثر وَصله سعيد بن مَنْصُور فِي السّنَن عَن عبَادَة بن عباد وَمُحَمّد بن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عَفَّان كِلَاهُمَا قَالَ: حَدثنَا مُزَاحم بن زفر قَالَ: قدمنَا على عمر بن عبد الْعَزِيز فِي خِلَافَته وَقد أَمر أهل الْكُوفَة فسألنا عَن بِلَادنَا وقاضينا وَأمره، وَقَالَ: خمس إِذا أَخطَأ ... إِلَى آخِره. فَإِن قلت: هَذِه سِتَّة لَا خَمْسَة. قلت: السَّادِس من تَتِمَّة الْخَامِس، لِأَن كَمَال الْعلم لَا يحصل إلَّا بالسؤال.
١٧ - (بابُ رزْقِ الحُكّامِ والعامِلِينَ عَلَيْها)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ بَيَان رزق الْحُكَّام بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْكَاف جمع حَاكم والعاملين جمع عَامل وَهُوَ الَّذِي يتَوَلَّى أمرا من أَعمال الْمُسلمين كالولاة وجباة الْفَيْء وعمال الصَّدقَات وَنَحْوهم، وَفِي بعض النّسخ: بَاب رزق الْحَاكِم، وَفِي بَعْضهَا: بَاب رزق القَاضِي، والرزق مَا يرتبه الإِمَام من بَيت المَال لمن يقوم بمصالح الْمُسلمين. قَوْله: عَلَيْهَا، قَالَ بَعضهم: أَي على الحكومات. قلت: الصَّوَاب أَن يُقَال: على الصَّدقَات، بِقَرِينَة ذكر الرزق والعاملين.