للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَفْسِير أبي عُبَيْدَة، وَقد ثَبت هَذَا للمستملي يُقَال: استحفظته كَذَا استودعته إِيَّاه. قَوْله: أَي: على الْكتاب أَو على مَا فِي التَّوْرَاة. قَوْله: {فَلَا تخشوا النَّاس} أَي: فِي إِظْهَار صفة النَّبِي {واخشون} فِي كتمان صفته، وَالْخطاب لعلماء الْيَهُود، وَقيل: ليهود الْمَدِينَة بِأَن لَا يخشوا يهود خَيْبَر، وَقيل: نهي للحكام عَن خشيتهم غير الله تَعَالَى فِي حكوماتهم. قَوْله: {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} أَي: وَلَا تستبدلوا بأحكامي وفرائضي، وَقيل: بِصفة النَّبِي قَوْله: {وَمن لم يحكم} إِلَى آخِره، هَذِه والآيتان بعْدهَا نزلت فِي الْكفَّار وَمن غير حكم الله من الْيَهُود وَلَيْسَ فِي أهل الْإِسْلَام مِنْهَا شَيْء لِأَن الْمُسلم وَإِن ارْتكب كَبِيرَة لَا يُقَال لَهُ: كَافِر. قَوْله: وَقَرَأَ أَي الْحسن الْبَصْرِيّ {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان} يَعْنِي: يحكمان {فِي الْحَرْث} وَأخرج عبد الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح عَن مَسْرُوق قَالَ: كَانَ حرثهم عنباً نفشت فِيهِ الْغنم أَي: رعت لَيْلًا يُقَال: نفشت الدَّابَّة تنفش نفوشاً إِذا رعت لَيْلًا بِلَا رَاع، وأهملت إِذا رعت نَهَارا بلَيْل، فتحاكم أَصْحَاب الْحَرْث مَعَ أَصْحَاب الْغنم عِنْد دَاوُد، عَلَيْهِ السَّلَام، فَقضى بالغنم لأَصْحَاب الْحَرْث، فَمروا بِسُلَيْمَان فأخبروه الْخَبَر فَقَالَ سُلَيْمَان: لَا، وَلَكِن أَقْْضِي بَينهم أَن يَأْخُذُوا الْغنم فَيكون لَهُم لَبنهَا وصوفها وسمنها ومنفعتها، وَيقوم هَؤُلَاءِ على حرثهم حَتَّى إِذا عَاد كَمَا كَانَ ردوا عَلَيْهِم غَنمهمْ، فَدخل أَصْحَاب الْغنم على دَاوُد فأخبروه، فَأرْسل إِلَى سُلَيْمَان فعزم عَلَيْهِ بِحَق النُّبُوَّة وَالْملك وَالْولد: كَيفَ رَأَيْت فِيمَا قضيت؟ فَقَالَ: عدل الْملك وَأحسن، وَغَيره كَانَ أرْفق بهما جَمِيعًا، قَالَ: مَا هُوَ؟ فَأخْبرهُ بِمَا حكم بِهِ. فَقَالَ دَاوُد، عَلَيْهِ السَّلَام: نعم مَا قضيت. قَوْله: {ففهمناها} يَعْنِي: الْقَضِيَّة. قَوْله: {وكلا} أَي: كل وَاحِد من دَاوُد وَسليمَان، عَلَيْهِمَا السَّلَام. {آتَيْنَا} أَي: أعطينا {حكما وعلماً} وَقَالَ الدَّاودِيّ: أثنى الله عَلَيْهِمَا بذلك، فَحَمدَ سُلَيْمَان وَلم يلم دَاوُد من اللوم، وَفِي بعض النّسخ؛ وَلم يذم، من الذَّم. قيل: قَول الْحسن الْبَصْرِيّ: وَلم يذم دَاوُد بِأَن فِيهِ نقصا لحق دَاوُد، عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى قَالَ: {وكلا إتينا حكما وعلماً} فجمعهما فِي الحكم وَالْعلم وميز سُلَيْمَان بالفهم وَهُوَ علم خَاص زَاد على الْعَام بفصل الْخُصُومَة. قَالَ: وَالأَصَح فِي الْوَاقِعَة أَن دَاوُد أصَاب الحكم وَسليمَان أرشد إِلَى الصُّلْح، وَقيل: الِاخْتِلَاف بَين الْحكمَيْنِ فِي الْأَوْلَوِيَّة لَا فِي الْعمد وَالْخَطَأ. وَمعنى قَول الْحسن: فَحَمدَ سُلَيْمَان، يَعْنِي لموافقته الطَّرِيق الْأَرْجَح، وَلم يذم دَاوُد لاقتصاره على الطَّرِيق الرَّاجِح، واستبدل بِهَذِهِ الْقِصَّة على أَن للنَّبِي أَن يجْتَهد فِي الْأَحْكَام وَلَا ينْتَظر نزُول الْوَحْي، لِأَن دَاوُد، عَلَيْهِ السَّلَام، اجْتهد فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة قطعا لِأَنَّهُ لَو كَانَ قضى فِيهَا بِالْوَحْي مَا خص الله سُلَيْمَان بفهمها دونه، وَقد اخْتلف من أجَاز للنَّبِي أَن يجْتَهد: هَل يجوز عَلَيْهِ الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده؟ فاستدل من أجَاز ذَلِك بِهَذِهِ الْقِصَّة، ورد عَلَيْهِ بِأَن الله تَعَالَى أثنى على دَاوُد فِيهَا بالحكم وَالْعلم، وَالْخَطَأ لَيْسَ حكما وَلَا علما. وَإِنَّمَا هُوَ ظن غير مُصِيب. قَوْله: وَلَوْلَا مَا ذكر الله من أَمر هذَيْن يَعْنِي: دَاوُد وَسليمَان، عَلَيْهِم السَّلَام. قَوْله: لرأيت جَوَاب لَو وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد وَهِي مَفْتُوحَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني لرئيت على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله: إِن الْقُضَاة أَي قُضَاة هَذَا الزَّمَان هَلَكُوا لما تضمنه قَوْله عز وَجل: {إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالَاْحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلَا تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُواْ بِئَايَاتِى ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وَدخل فِي عُمُومه الْعَامِد والمخطىء. فاستدل بقوله: ٤ ٥ الْآيَة على أَن الْوَعيد خَاص بالعامد، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك بقوله فَإِنَّهُ أَي: فَإِن الله أثنى على هَذَا أَي: على سُلَيْمَان بِعِلْمِهِ. قَوْله: وَعذر بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة. قَوْله: هَذَا، يَعْنِي دَاوُد بِاجْتِهَادِهِ، فَلذَلِك لم يلمه.

وَقَالَ مُزَاحِمُ بنُ زُفَرَ: قَالَ لَنا عُمَرُ بنُ عبْدِ العَزِيزِ: خَمْسٌ إذَا أخْطأ القاضِي مِنْهُنَّ خُطةً كانَتْ فِيهِ وصمْةٌ: أنْ يَكُونَ فَهِماً حَليماً عَفيفاً صَليباً عالِماً سَؤُلاً عنِ العِلْمِ.

مُزَاحم بِضَم الْمِيم وبالزاي وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة ابْن زفر بِضَم الزَّاي وَفتح الْفَاء وبالراء الْكُوفِي، وَهُوَ مِمَّن أخرج لَهُ مُسلم، وَعمر بن عبد الْعَزِيز الْخَلِيفَة الْمَشْهُور الْعَادِل. قَوْله: خمس أَي: خمس خِصَال. قَوْله: إِذا أَخطَأ أَي: إِذا تجَاوز وَفَاتَ مِنْهُنَّ أَي: من الْخمس الْمَذْكُورَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: مِنْهُم، أَي: من الْقُضَاة. قَوْله: خطة، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن غير الْكشميهني، وَفِي رِوَايَته عَنهُ: خصْلَة، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وهما بِمَعْنى. قَوْله: وصمة بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة أَي: عيب وعار. قَوْله: أَن يكون تَفْسِير لحَال القَاضِي الْمَذْكُور وَهُوَ جملَة فِي مَحل

<<  <  ج: ص:  >  >>