٦١٥٣ - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْب حَدثنَا شُعْبَةُ عَن عُدَيِّ بنِ ثابِتٍ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله عَنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ ل حَسَّانَ: أهْجُهُمْ أوْ قَالَ: هاجِهِمْ وجِبْرِيلُ مَعَكَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث مضى فِي بَدْء الْخلق عَن حَفْص بن عمر وَفِي الْمَغَازِي عَن حجاج بن منهال وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (أوهاجهم) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (وَجِبْرِيل مَعَك) أَي: بالتأييد والمعاونة، وَقَالَ ابْن بطال: هجو الْكفَّار من أفضل الْأَعْمَال وَكفى بقوله: أللهم أيده فضلا وشرفاً للْعَمَل وَالْعَامِل بِهِ، وَهَذَا إِذا كَانَ جَوَابا عَن سبهم للْمُسلمين بِقَرِينَة مَا قَالَ: أجب.
٩٢ - (بابُ مَا يُكْرَهُ أنْ يَكُونَ الغالِبَ عَلَى الإنْسَانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ الله والعِلْمِ والقُرْآنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَرَاهَة كَون الْغَالِب على الْإِنْسَان الشّعْر حَتَّى يصده أَي: يمنعهُ عَن ذكر الله ومذاكرة الْعلم وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْغَالِب بِالرَّفْع وَالنّصب. قلت: أما الرّفْع فعلى أَن يكون إسم: كَانَ وَخَبره قَوْله: الشّعْر، وَأما النصب فعلى الْعَكْس، وَهُوَ أَن يكون الشّعْر هُوَ اسْمه وَالْغَالِب خَبره.
٦١٥٤ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسى أخبرنَا حَنْظَلَةُ عَنْ سالِمٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لأنْ يَمْتَلِىءَ جَوْفُ أحدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ مِنْ أنْ يَمْتَلِىءَ شِعْراً.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ لِأَن امتلاء الْجوف بالشعر كِنَايَة عَن كَثْرَة الِاشْتِغَال بِهِ حَتَّى يكون وقته مُسْتَغْرقا بِهِ فَلَا يتفرغ لذكر الله، عز وَجل، وَلَا لقِرَاءَة الْقُرْآن وَتَحْصِيل الْعلم، وَهَذَا هُوَ المذموم. وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن ذكر الله تَعَالَى وَقِرَاءَة الْقُرْآن والاشتغال بِالْعلمِ إِذا كَانَت غالبة عَلَيْهِ فَلَا يدْخل تَحت هَذَا الذَّم.
وَعبيد الله بن مُوسَى هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْعَبْسِي الْكُوفِي، وحَنْظَلَة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الظَّاء الْمُعْجَمَة وباللام ابْن أبي سُفْيَان الجُمَحِي الْقرشِي من أهل مَكَّة وَاسم أبي سُفْيَان الْأسود، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه.
والْحَدِيث أخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب قَالَ: سَمِعت حَنْظَلَة قَالَ: سَمِعت سَالم بن عبد الله يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عمر يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مثله، وَهَذَا السَّنَد أقوى من سَنَد البُخَارِيّ على مَا لَا يخفى، وَيُونُس هُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي الْمصْرِيّ شيخ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
قَوْله: (لِأَن يمتلىء) ، اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد وَأَن مَصْدَرِيَّة وَهُوَ فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره هُوَ قَوْله: (خير لَهُ) . قَوْله: (قَيْحا) نصب على التَّمْيِيز وَهُوَ الصديد الَّذِي يسيل من الدمل وَالْجرْح، وَيُقَال: هُوَ الْمدَّة الَّتِي لَا يخالطها الدَّم، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن عَمْرو بن حُرَيْث عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلىء مشعراً) . وَأخرجه الْبَزَّار ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن إِسْمَاعِيل عَن عَمْرو بن حُرَيْث عَن عمر رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا، وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ إلَاّ خَلاد عَن سُفْيَان، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا مَوْقُوفا، وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث مُحَمَّد بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا حَتَّى يرِيه، خير لَهُ من أَن يمتلىء مشعراً) . وَأخرجه مُسلم أَيْضا، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة على مَا نذكرهُ عَن قريب، وروى أَيْضا من حَدِيث عَوْف بن مَالك، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم من عانته إِلَى لهاته قَيْحا يتخضخض، خير لَهُ من أَن يمتلىء شعرًا) ، وَلما أخرج التِّرْمِذِيّ حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي سعيد وَأبي الدَّرْدَاء. قلت: حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أخرجه مُسلم قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالعرج إِذْ عرض علينا شَاعِر ينشد، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (احْذَرُوا الشَّيْطَان أَو أَمْسكُوا الشَّيْطَان لِأَن يمتلىء جَوف رجل قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلىء مشعراً) . وَحَدِيث أبي الدَّرْدَاء أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث خَالِد بن معدان عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: