ابْن عديس. وَفِي (التَّهْذِيب) : الْعَامَّة تَقول: فيام، وَهِي الْجَمَاعَة من النَّاس، قَالَ صَاحب (الْعين) : وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، قَوْله: (فِيكُم من صحب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَفِي لفظ: هَل فِيكُم من رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بدل: من صحب، وَهُوَ رد لقَوْل جمَاعَة من المتصوفة الْقَائِلين: إِن سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يره أحد فِي صورته، ذكره السَّمْعَانِيّ، وَقَالَ ابْن بطال: يشْهد لهَذَا الحَدِيث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خير الْقُرُون قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ) .
وَفِيه: معْجزَة لسيدنا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفضيلة لأَصْحَابه وتابعيهم.
٧٧ - (بابٌ لَا يَقُولُ فلَانٌ شَهيدٌ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يُقَال فلَان شَهِيد، يَعْنِي: على سَبِيل الْقطع، إلَاّ فِيمَا ورد بِهِ الْوَحْي.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ
هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْجِهَاد فِي: بَاب أفضل النَّاس مُؤمن مُجَاهِد بِنَفسِهِ وَمَاله، من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة. قَوْله: (بِمن يكلم) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: بِمن يجرح.
٨٩٨٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي حازمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْتَقَى هُوَ والمشْرِكُونَ فاقْتَتَلُوا فلَمَّا مَال رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَال الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أصْحَابِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شاذَّةً ولَا فاذَّةً إلَاّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أجْزَأ مِنَّا اليَوْمَ أحَدٌ كَما أجْزَ فُلانٌ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَا إنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ أَنا صاحِبُهُ فخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وقَفَ وقفَ مَعَهُ وإذَا أسْرَعَ أسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحَاً شَدِيداً فاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأرْضِ وذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ علَى سَيْفِهِ فقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرِّجُلُ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أشْهَدُ أنَّكَ رسولُ الله قَالَ وَمَا ذاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفَاً أنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّارِ فأعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فقُلْتُ أَنا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُم جُرِحَ جُرْحَاً شَدِيداً فاسْتَعْجلَ المَوْت فوَضعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأرْضِ وذبابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فقَتَلَ نفْسَهُ فَقَالَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدَ ذَلِكَ إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ وهْوَ مِنْ أهْلِ النَّارِ وإنَّ الرَّجلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ النَّارِ فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ وهْوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الصَّحَابَة لما شهدُوا برجحان هَذَا الرجل فِي أَمر الْجِهَاد كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه شَهِيد لَو قتل، ثمَّ لما ظهر مِنْهُ أَنه لم يُقَاتل لله وَأَنه قتل نَفسه، علم أَنه لَا يُطلق على كل مقتول فِي الْجِهَاد أَنه شَهِيد قطعا، لاحْتِمَال أَن يكون مثل هَذَا، وَإِن كَانَ يُعْطي لَهُ حكم الشُّهَدَاء فِي الْأَحْكَام الظَّاهِرَة.
وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد، وَقد مضى عَن قريب، وَأَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان وَفِي الْقدر جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (التقى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ) ، وَكَانَ ذَلِك فِي غَزْوَة خَيْبَر، وَقد أعَاد هَذَا الحَدِيث بِعَين هَؤُلَاءِ