للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والانكسار من الْحزن. قَوْله: (لُغَة قُرَيْش) بِالْإِضَافَة أَي: هَذِه اللَّفْظَة أَعنِي: عقرى حلقى، لُغَة قُرَيْش يطلقونها وَلَا يُرِيدُونَ حَقِيقَتهَا، ويروى: لُغَة لقريش، أَي: لُغَة كائنة لقريش. قَوْله: (يَعْنِي الطّواف) أَرَادَ بِهِ طواف الْإِفَاضَة، وَيُسمى طواف الزِّيَارَة، وَطواف الرُّكْن. قَوْله: (فانفري) أَي: فارجعي إِذا بِالتَّنْوِينِ أَي: حينئذٍ، لِأَن حَجهَا قد تمّ وَلَا يجب عَلَيْهَا الْوُقُوف لطواف الْوَدَاع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْض، وَالله أعلم.

٩٤ - (بابُ مَا جاءَ فِي زَعمُوا)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي قَول: زَعَمُوا، وَالْأَصْل فِي زعم أَنه يُقَال فِي الْأَمر الَّذِي لَا يُوقف على حَقِيقَته، وَقَالَ ابْن بطال: يُقَال: زعم إِذا ذكر خَبرا لَا يدْرِي أَحَق هُوَ أم بَاطِل، وَقد روى فِي الحَدِيث: زَعَمُوا فِي الْأَمر بئس الرجل، وَمَعْنَاهُ: أَن من أَكثر الحَدِيث بِمَا لَا يعلم صدقه لم يُؤمن عَلَيْهِ الْكَذِب، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَإِنَّمَا يُقَال: زَعَمُوا فِي حَدِيث لَا سَنَد لَهُ وَلَا يثبت فِيهِ، وَإِنَّمَا يحْكى عَن الألسن على سَبِيل الْبَلَاغ، وَقَالَ غَيره: كثر اسْتِعْمَال الزَّعْم بِمَعْنى القَوْل، وَقد أَكثر سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه فِي أَشْيَاء يرتضيها: زعم الْخَلِيل، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: والزعم بِالضَّمِّ وَالْفَتْح قريب من الظَّن.

٦١٥٨ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مالكٍ عَنْ أبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ الله أنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أمِّ هانِىءٍ بِنْتِ أبي طالِبٍ أخبرَه أنهُ سَمعَ أمَّ هانِىءٍ بِنْتَ أبِي طالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عامَ الفَتْحِ فَوَجدْتُهُ يَغْتَسِلُ وفاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هاذِهِ؟ فَقُلْتُ: أَنا أمُّ هانِىءٍ بِنْتُ أبي طالِبٍ، فَقَالَ مَرْحَباً بِأُمِّ هانِىءٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِهِ قامَ فَصَلَّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ مُلْتَحِفاً فِي ثَوْبٍ واحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رسولَ الله! زَعَمَ ابنُ أُمِّي أنَّهُ قاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أجَرْتُهُ فلانُ بنُ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَدْ أجَرْنا مَنْ أجَرْتِ يَا أمَّ هانِىءٍ، قالَتْ أُمُّ هانِىءٍ: وَذَاكَ ضُحًى.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (زعم ابْن أُمِّي) وَأَبُو النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة واسْمه سَالم بن أبي أُميَّة مولى عمر بن عبيد الله بن معمر الْقرشِي التَّيْمِيّ الْمدنِي، وَأَبُو مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء مولى أم هانىء بِكَسْر النُّون، وَقيل بِالْهَمْز، وَاسْمهَا فَاخِتَة بِالْفَاءِ وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بنت أبي طَالب.

والْحَدِيث قد مضى فِي أول كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد ملتحفاً بِهِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك ... إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي كتاب التَّهَجُّد فِي: بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الصَّلَاة.

قَوْله: (مرْحَبًا) أَي: لقِيت رحباً وسعة، وَقيل مَعْنَاهُ رحب الله بك مرْحَبًا، فَجعل المرحب مَوضِع الترحيب. قَوْله: (ثَمَانِي) بِكَسْر النُّون وَفتح الْيَاء قَالَ الْكرْمَانِي بِفَتْح النُّون وَالْأول أصح. قَوْله: (فَلَمَّا انْصَرف) أَي: من صلَاته. قَوْله: (زعم) أَي: قَالَ (ابْن أُمِّي) وَهُوَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالُوا: إِن زعم قد تسْتَعْمل فِي القَوْل الْمُحَقق. قَوْله: (قَاتل) إسم فَاعل بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال. قَوْله: (أجرته) بقصر الْهمزَة أَي: أمنته وَجَعَلته فِي أَمن. قَوْله: (فلَان بن هُبَيْرَة) أَي: ذَلِك الرجل هُوَ فلَان بن هُبَيْرَة، قيل: اسْمه الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي. قَوْله: (وَذَاكَ) ، ويروى: وَذَلِكَ ضحى، بِضَم الضَّاد وتنوين الْحَاء وَاعْلَم أَن معنى الضحاء بِالْفَتْح والضحوة وَالضُّحَى، أما الضُّحَى فَهُوَ إِذا علت الشَّمْس إِلَى ربع السَّمَاء فَمَا بعده، وَأما الضحوة فَهُوَ ارْتِفَاع أول النَّهَار، وَأما الضُّحَى فَمَا فَوْقه.

٩٥ - (بابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: وَيْلَكَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الرجل لآخر: وَيلك. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَيلك، كلمة يُقَال لمن وَقع فِي هلكة، وويحك ترحم، وَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِي وَزَاد: وويس، بِغَيْر هَاء أَي: إِنَّهَا دونهَا، وَقيل: هما بِمَعْنى، وَقيل: ويل تحسر وويح ترحم وويس استصغار، وَعَن التِّرْمِذِيّ أَن ويلاً وويحاً بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالَ أَكثر أهل اللُّغَة: إِن لفظ: ويل، كلمة عَذَاب، وويح كلمة رَحْمَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>