أرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي أول الحَدِيث. وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب التَّعَوُّذ من عَذَاب الْقَبْر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُصعب إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (وَأَعُوذ بك أَن أرد) ويروى عَن السَّرخسِيّ: من أَن أرد، بِزِيَادَة لَفْظَة: من قَوْله: (وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا) قَالَ شُعْبَة: سَأَلت عبد الْملك بن عُمَيْر عَن فتْنَة الدُّنْيَا؟ قَالَ الدَّجَّال: كَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَإِطْلَاق الدُّنْيَا على الدَّجَّال لكَون فتنته أعظم الْفِتَن الكائنة فِي الدُّنْيَا، وَقد ورد ذَلِك صَرِيحًا فِي حَدِيث أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث وَفِيه أَنه: لم تكن فتْنَة فِي الأَرْض مُنْذُ ذَرأ الله ذُرِّيَّة آدم أعظم من فتْنَة الدَّجَّال، أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه.
٣٤ - (بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ أرْذَلِ العُمُرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من أرذل الْعُمر وَهُوَ الْهَرم زمَان الخرافة وَحين انتكاس الْأَحْوَال، قَالَ الله تَعَالَى: { (١٦) ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعلم بعد علم شَيْئا} (النَّحْل: ٠٧ وَالْحج: ٥) .
أراذِلُنا: أسْقاطُنا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { (١١) إِلَّا الَّذين هم أراذلنا} (هود: ٧٢) وَفَسرهُ بقوله: أسقاطنا وَهُوَ جمع سَاقِط وَهُوَ اللَّئِيم فِي حَسبه وَنسبه، ويروى: سقاطنا، بِضَم السِّين وَتَشْديد الْقَاف، وَيُقَال: قوم سقطي وَإِسْقَاط وسقاط.
١٧٣٦ - حدّثنا أبُو مَعْمَرٍ حَدثنَا عبْدُ الوَارِثِ عَنْ عبْدِ العَزِيزِ بن صُهَيْبٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَتَعَوَّذُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ.
قيل: لَيْسَ فِيهِ لفظ التَّرْجَمَة فَلَا مُطَابقَة.
قلت: تُؤْخَذ الْمُطَابقَة من قَوْله: (وَأَعُوذ بك من الْهَرم) لِأَنَّهُ يُفَسر بأرذل الْعُمر، وَقد مر عَن قريب تَفْسِيره هَكَذَا.
وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين اسْمه عبد الله بن عمر والمنقري المقعد، وَعبد الْوَارِث بن سعيد الْبَصْرِيّ والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (يتَعَوَّذ يَقُول) جملتان مَحلهمَا النصب فَالْأولى على أَنَّهَا خبر كَانَ، وَالثَّانيَِة حَال.
٤٤ - (بابُ الدُّعاءِ بِرَفْعِ الوَباءِ والوَجَعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء بِرَفْع الوباء والوجع والوباء بِالْمدِّ وَالْقصر فَجمع الْمَقْصُور أوباء وَجمع الْمَمْدُود أوبية وَهُوَ الْمَرَض الْعَام، وَقيل: الْمَوْت الذريع وَأَنه أَعم من الطَّاعُون لِأَن حَقِيقَته مرض عَام ينشأ عَن فَسَاد الْهَوَاء، وَمِنْهُم من قَالَ: الوباء والطاعون مُتَرَادِفَانِ، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن الطَّاعُون لَا يدْخل الْمَدِينَة وَأَن الوباء وَقع بِالْمَدِينَةِ كَمَا فِي حَدِيث العرنيين.
قلت: فِيهِ نظرلأن ابْن الْأَثِير قَالَ: إِنَّه الْمَرَض الْعَام، وَكَذَلِكَ الوباء هُوَ الْمَرَض الْعَام. وَقَوله: الطَّاعُون لَا يدْخل الْمَدِينَة، يحْتَمل أَن يُقَال إِنَّه لَا يدْخل بعد قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (والوجع) أَي: الدُّعَاء أَيْضا بِرَفْع الوجع، وَهُوَ يُطلق على كل الْأَمْرَاض فَيكون هَذَا الْعَطف من بَاب عطف الْعَام على الْخَاص، لَكِن بِاعْتِبَار أَن منشأ الوباء خَاص وَهُوَ فَسَاد الْهَوَاء بِخِلَاف الوجع فَإِن لَهُ أسباباً شَتَّى وَبِاعْتِبَار أَن الوباء يُطلق على الْمَرَض الْعَام يكون من بَاب عطف الْعَام على الْعَام.
٢٧٣٦ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قَالَت: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كَما حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَو أشَدَّ، وانْقُلْ حُمَّاها إِلَى الجُحْفَة، اللَّهُمَّ بارِكْ لَنَا فِي مُدِّنا وصاعِنا.
ذكر الْمُطَابقَة هُنَا بِنَوْع من التعسف وَهُوَ أَنَّهَا تُؤْخَذ من قَول: قَوْله: (وانقل حماها) بِاعْتِبَار أَن تكون الْحمى مَرضا عَاما فَتكون