مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن مَفْهُومه إِن لم يكن ثَلَاثَة بل أَكثر يَتَنَاجَى إثنان مِنْهُم.
وَعُثْمَان هُوَ ابْن أبي شيبَة أَخُو أبي بكر، وَجَرِير بِالْفَتْح ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان كَذَلِك.
قَوْله: (دون الآخر) لِأَن الْوَاحِد إِذا بَقِي فَردا وتناجى إثنان حزن لذَلِك إِذا لم يساراه فِيهَا، وَلِأَنَّهُ قد يَقع فِي نَفسه أَن سرهما فِي مضرته. قَوْله: (حَتَّى يختلطوا) أَي: حَتَّى يخْتَلط الثَّلَاثَة بغيرهم سَوَاء كَانَ الْغَيْر وَاحِدًا أَو أَكثر. قَوْله: (أجل أَن يحزنهُ) أَي: من أجل أَن يحزنهُ. قَالَ الْخطابِيّ: وَقد نطقوا بِهَذَا اللَّفْظ بِإِسْقَاط: من، ويروى: من أجل أَن يحزنهُ، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الآخر وَهُوَ الثَّالِث، ويحزنه يجوز أَن يكون من حزن وَيجوز أَن يكون من أَحْزَن فَالْأول من الْحزن وَالثَّانِي من الإحزان، وَقيل: إِنَّمَا يكره ذَلِك فِي الِانْفِرَاد لِأَنَّهُ إِذا بَقِي مُنْفَردا وتناجى من عداء دونه أحزنه ذَلِك لظَنّه إِمَّا حقارته وَإِمَّا مضرته بذلك، بِخِلَاف مَا إِذا كَانُوا بِحَضْرَة النَّاس فَإِن هَذَا الْمَعْنى مَأْمُون عِنْد الِاخْتِلَاط.
٦٢٩١ - حدَّثنا عَبْدَانُ عَنْ أبي حَمْزَةَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَسَمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْماً قِسْمَةً فَقَالَ رجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: إنَّ هاذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أرِيدَ بِها وَجْهُ الله. قُلْتُ: أما وَالله لآتِيَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأتَيْتُهُ وَهْوَ فِي مَلأ فَسارَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: رَحْمَةُ الله عَلى مُوسَى أَو ذِي بأكْثَرَ مِنْ هاذَا فَصَبَرَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَول ابْن مَسْعُود: (فَأَتَيْته وَهُوَ فِي مَلأ فساررته) فَإِن ذَلِك دلَالَة على أَن الْمَنْع يرْتَفع إِذا بَقِي جمَاعَة لَا يتأذون بالمسارة.
وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة الْمروزِي، وَقد مر مرَارًا عديدة، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي يروي عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق ابْن سَلمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود.
والْحَدِيث مضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فِي: بَاب مُجَرّد عقيب: بَاب طوفان من السَّيْل فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش ... إِلَى آخِره، وَمضى فِي الْأَدَب عَن حَفْص بن عمر، وَفِي الْمَغَازِي عَن قبيصَة، وَسَيَأْتِي فِي الدَّعْوَات عَن حَفْص بن عمر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (فِي مَلأ) أَي: فِي جمَاعَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَجه مُنَاسبَة هَذَا الْبَاب وَنَحْوه بِكِتَاب الاسْتِئْذَان؟ قلت: من جِهَة أَن مَشْرُوعِيَّة الاسْتِئْذَان هُوَ لِئَلَّا يطلع الْأَجْنَبِيّ على أَحْوَال دَاخل الْبَيْت، أَو أَن الْغَالِب أَن الْمُنَاجَاة لَا يكون إلَاّ فِي الْبيُوت والمواضع الْخَاصَّة الخالية، فَذكره على سَبِيل التّبعِيَّة للاستئذان. قلت: فِيهِ مَا فِيهِ.
٤٨ - (بابُ طُولِ النَّجْوَى)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان طول النَّجْوَى وَهُوَ إسم قَامَ مقَام الْمصدر يَعْنِي: التناجي، يُقَال: ناجاه يناجيه مُنَاجَاة.
وَقَوْلِهِ: { (٧١) وَإِذ هم نجوى} (الْإِسْرَاء: ٤٧) مَصْدَرٌ مِنْ ناجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِها والمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ.
أَي قَوْله عز وَجل: {وَإِذ هم نجوى} وَهَذَا من بَاب الْمُبَالغَة كَمَا يُقَال: أَبُو حنيفَة فقه. قَوْله: {مصدر} ، قد ذكرنَا أَنه إسم مصدر قَامَ مقَامه، وَهَذَا التَّفْسِير فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي قَوْله: (فوصفهم بهَا) حَيْثُ قَالَ: {وَإِذ هم نجوى} وَقَالَ الْأَزْهَرِي أَي: ذُو نجوى.
٦٢٩٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ عبدِ العَزِيزِ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاة ورَجُلٌ يُناجِي رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَما زَالَ يَناجِيهِ حَتَّى نامَ أصْحابُهُ ثُمَّ قامَ فَصَلَّى. (انْظُر الحَدِيث ٦٤٢ وطرفه) .