فِي الْبُنيان فَقَط تمسكا بِظَاهِر حَدِيث ابْن عمر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف. وَمِنْهَا التَّحْرِيم مُطلقًا حَتَّى فِي الْقبْلَة المنسوخة وَهِي بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ محكي عَن إِبْرَاهِيم وَابْن سِيرِين عملا بِحَدِيث معقل الْأَسدي الْمَذْكُور عَن قريب. وَمِنْهَا أَن التَّحْرِيم مُخْتَصّ بِأَهْل الْمَدِينَة وَمن كَانَ على سمتها وَأما من كَانَت قبلته فِي جِهَة الْمشرق أَو الْمغرب فَيجوز لَهُ الِاسْتِقْبَال والاستدبار مُطلقًا لعُمُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام شرقوا أَو غربوا قَالَه أَبُو عوَانَة صَاحب الْمُزنِيّ وبعكسه قَالَ البُخَارِيّ وَاسْتدلَّ بِهِ على أَنه لَيْسَ فِي الْمشرق وَلَا فِي الْمغرب قبله كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب قبْلَة أهل الْمَدِينَة فِي كتاب الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن قلت ادّعى الْخطابِيّ الْإِجْمَاع على عدم تَحْرِيم اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس لمن لَا يستدبر فِي استقباله الْكَعْبَة قلت فِيهِ نظر لما ذَكرْنَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين وَهُوَ قَول بعض الشَّافِعِيَّة أَيْضا. الثَّانِي من الْأَحْكَام فِيهِ إكرام الْقبْلَة عَن المواجهة بِالنَّجَاسَةِ مُطلقًا تَعْظِيمًا لَهَا وَلَا سِيمَا عِنْد الْغَائِط وَالْبَوْل. الثَّالِث فِيهِ الْمُحَافظَة على الْأَدَب ومراعاته فِي كل حَال. الرَّابِع استنبط ابْن التِّين مِنْهُ منع اسْتِقْبَال النيرين فِي حَالَة الْغَائِط وَالْبَوْل وَكَأَنَّهُ قاسه على اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَلَيْسَ الْقيَاس بِظَاهِر على مَا لَا يخفى. (فروع) من آدَاب الِاسْتِنْجَاء الإبعاد إِذا كَانَ فِي براح من الأَرْض أَو ضرب حجاب أَو ستر وأعماق الْآبَار والحفائر وَأَن لَا يرفع ثَوْبه حَتَّى يدنو من الأَرْض جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الْأَعْمَش عَن أنس عَن أبي دَاوُد وتغطية الرَّأْس كَمَا كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَفْعَله وَترك الْكَلَام كَفعل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والاستنجاء باليسار وَغسل الْيَد بعد الْفَرَاغ بِالتُّرَابِ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه والاستجمار وَاجْتنَاب الروث والرمة وَأَن لَا يتَوَضَّأ فِي المغتسل لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يبولن أحدكُم فِي مغتسله وَينْزع خَاتمه إِذا كَانَ فِيهِ اسْم الله تَعَالَى رَوَاهُ النَّسَائِيّ وارتياد الْموضع الدمث وَأَن لَا يسْتَقْبل الشَّمْس وَالْقَمَر وَأَن لَا يَبُول قَائِما وَلَا فِي طَرِيق النَّاس وَلَا ظلهم وَلَا فِي المَاء الراكد ومساقط الثِّمَار وَصفَة الْأَنْهَار وَأَن يتكئ على رجله الْيُسْرَى وينثر ذكره ثَلَاثًا
(بَاب من تبرز على لبنتين)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من تبرز على لبنتين وَبَاب مَرْفُوع مُضَاف إِلَى مَا بعده وَكلمَة من مَوْصُولَة وتبرز صلتها على وزن تفعل من التبرز وَهُوَ التغوط وأصل التبرز الْخُرُوج إِلَى البرَاز للْحَاجة وَالْبرَاز بِفَتْح الْمُوَحدَة اسْم للفضاء الْوَاسِع من الأَرْض وكنوا بِهِ عَن حَاجَة الْإِنْسَان قَوْله لبنتين تَثْنِيَة لبنة بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَيجوز تسكينها أَيْضا مَعَ فتح اللَّام وَكسرهَا وَكَذَا كل مَا كَانَ على هَذَا الْوَزْن أَعنِي مَفْتُوح الأول مكسور الثَّانِي يجوز فِيهِ الْأَوْجه الثَّلَاثَة ككتف وَإِن كَانَ ثَانِيه أَو ثالثه حرف حلق جَازَ فِيهِ وَجه رَابِع وَهُوَ كسر الأول وَالثَّانِي كفخذ قَالَ الْجَوْهَرِي اللبنة واللبنة الَّتِي يبْنى بهَا وَالْجمع لبن مثل كلمة وكلم قيل اللبنة هِيَ الطوب قَالَه ابْن قرقول وَهُوَ الطوب النيء وَالَّذِي توقد عَلَيْهِ النَّار يُسمى بالآجر وَقَالَ بَعضهم اللبنة هِيَ مَا يصنع من الطين أَو غَيره للْبِنَاء قبل أَن يحرق قلت لَيْت شعري مَا معنى قَوْله أَو غَيره فَهَل تصنع اللبنة من غير الطين عَادَة. وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر وَهُوَ أَن حَدِيث هَذَا الْبَاب مُخَصص لحَدِيث الْبَاب الأول على رَأْي البُخَارِيّ وَمن ذهب إِلَى مذْهبه فِي ذَلِك كَمَا ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ
١١ - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع بن حبَان عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ يَقُول إِن نَاسا يَقُولُونَ إِذا قعدت على حَاجَتك فَلَا تسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ عبد الله بن عمر لقد ارتقيت يَوْمًا على ظهر بَيت لنا فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على لبنتين مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس لِحَاجَتِهِ وَقَالَ لَعَلَّك من الَّذين يصلونَ على أوراكهم فَقلت لَا أَدْرِي وَالله قَالَ مَالك يَعْنِي