مَدِينَة أَيْلَة عل سَاحل بَحر القلزم مِمَّا يَلِي الشَّام، وَهِي الْيَوْم خرابة.
قَوْله: (وَطَائِفَة) أَي: قِطْعَة. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي: بَاب حَدِيث الْإِفْك، فِي كتاب الْمَغَازِي.
٩٧٦٦ - حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ إبْرَاهِيمُ عنْ صالِحٍ عنِ ابْن شِهابٍ.
(ح) وحدّثنا الحَجَّاجُ حدّثنا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حدّثنا يُونُسُ بنُ يَزِيَد الأيْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ ابنَ الزُّبَيْر وسَعيدَ بنَ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةَ بنَ وقَّاصٍ وعُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنْ حَدِيثٍ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَها أهْلُ الإفْكِ مَا قالُوا، فَبَرَّأها الله ممَّا قالُوا، كُلٌّ حدّثني طائِفَةً مِن الحَدِيثِ، فأنْزَلَ الله {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك} (النُّور: ١١)
العَشْرَ الآياتِ كلَّها فِي بَرَاءَتِي، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وكانَ يُنْفِقُ عَلى مِسْطَحِ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَالله لَا أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحِ شَيْئاً أبَداً بَعْدَ الّذِي قَالَ لِعائِشَة، فأنْزَل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَو يؤتوا ولي الْقُرْبَى} (النُّور: ٢٢) الْآيَة. قَالَ أبُو بَكْرٍ: بلَى وَالله إنِّي لأُحبُّ أنُ يَغْفِرَ الله لي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفْقَةَ الَّتِي كانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لَا أنْزِعُها عنْهُ أبَداً.
مطابقته للجزء الثَّانِي: للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا) وَهُوَ مُطَابق لترك الْيَمين فِي الْمعْصِيَة لِأَنَّهُ حلف أَن لَا ينفع مسطحًا أبدا لكَلَامه فِي عَائِشَة، فَكَانَ حَالفا على ترك طَاعَة فنهي عَن الِاسْتِمْرَار على مَا حلف عَلَيْهِ، فَيكون النَّهْي عَن الْحلف على فعل الْمعْصِيَة بطرِيق الأولى.
ثمَّ إِنَّه أخرج هَذِه الْقطعَة من حَدِيث الْإِفْك المطول من طَرِيقين: الأول: عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن صَالح بن كيسَان عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. وَالثَّانِي: عَن حجاج بن منهال عَن عبد الله بن عمر النميري بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، نِسْبَة إِلَى مَدِينَة أَيْلَة عل سَاحل بَحر القلزم مِمَّا يَلِي الشَّام، وَهِي الْيَوْم خرابة.
قَوْله: (وَطَائِفَة) أَي: قِطْعَة. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي: بَاب حَدِيث الْإِفْك، فِي كتاب الْمَغَازِي.
٠٨٦٦ - حدّثنا أبُو معْمَرٍ حدّثنا عبْدُ الوَارِثِ حدّثنا أيُّوبُ عنِ القاسِمِ عنْ زَهْدَمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ فَقال: أتَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ فَوَافَقْتُهُ وهْوَ غَضْبانُ، فاسْتَحْمَلْناهُ فَحَلَف أنْ لَا يَحْمِلَنا، ثُمَّ قَالَ: (وَالله إنْ شاءَ الله لَا أحْلِف عَلى يَمِينٍ فَأرى غيْرِها خَيْراً مِنْها إلاّ أتَيْتُ الّذي هُوَ خَيْرٌ وتَحَلَّلْتُها) .
مطابقته للجزء الثَّالِث من التَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فوافقته وَهُوَ غَضْبَان، فاستحملناه فَحلف أَن لَا يحملنا) وَقد مر الْكَلَام فِي حلف الغاضب عَن قريب فِي الحَدِيث الأول.
وَأخرجه عَن أبي معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو وَعَن عبد الْوَارِث بن سعيد عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن الْقَاسِم بن عَاصِم عَن زَهْدَم بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْهَاء وَفتح الدَّال الْمُهْملَة ابْن مضرب الجرمى إِلَى آخِره ... وَقد مر هَذَا الحَدِيث بأتم مِنْهُ عَن قريب فِي، بَاب لَا تحلفُوا بأبائكم، فَإِنَّهُ أخرجه عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة وَالقَاسِم التَّمِيمِي عَن زَهْدَم ... إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
٩١ - (بابٌ إِذا قَالَ: وَالله لَا أتَكَلُمُ اليَوْمَ، فَصَلَّى أوْ قَرَأ أوْ سَبَّحَ أوْ كَبَّرَ أوْ حَمِدَ أوْ هَلَّلَ، فَهْوَ عَلَى نِيَّتِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا إِذا قَالَ شخص: وَالله ... إِلَى آخِره، قَوْله: (فَهُوَ على نِيَّته) يَعْنِي: إِن قصد بالْكلَام مَا هُوَ كَلَام عرفا لَا يَحْنَث بِهَذِهِ الْأَذْكَار وَالْقِرَاءَة وَالصَّلَاة، وَإِن قصد الْأَعَمّ يَحْنَث بهَا، قَالَه الْكرْمَانِي وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : أَي إِذا كَانَت نِيَّته لَا يتَكَلَّم فِي شَيْء من أَمر الدُّنْيَا فَلَا حنث عَلَيْهِ إِذا سبح، وَقَالَ ابْن بطال: الْمَعْنى فِي الْحَالِف أَن لَا يتَكَلَّم الْيَوْم أَنه مَحْمُول على كَلَام النَّاس لَا على التِّلَاوَة وَالتَّسْبِيح، وَقَالَ أَصْحَابنَا: حلف أَن لَا يتَكَلَّم فَقَرَأَ الْقُرْآن فِي صلَاته أَو سبح لم يَحْنَث وَإِن قَرَأَ فِي غير الصَّلَاة يَحْنَث، خلافًا للشَّافِعِيّ، وَالْقِيَاس أَن يَحْنَث فيهمَا. وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث إِن عقد الْيَمين بِالْعَرَبِيَّةِ فَكَذَلِك، وَإِن عقدهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَث إِذا قَرَأَ الْقُرْآن أَو سبح فِي غير صلَاته.
وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفْضَلُ الكَلامِ أرْبَعٌ سُبْحانَ الله، والحَمْدِ لله، وَلَا إلاهَ إلاّ الله، وَالله أكْبَرُ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن غَرَض البُخَارِيّ بَيَان أَن الْأَذْكَار وَنَحْوهَا كَلَام، وَكلمَة: فَيحنث بهَا، قيل: هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي لم يصلها البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر، وَقد وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق ضرار بن مرّة عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب لَكِن بِلَفْظ: أحب الْكَلَام، وَوجه أفضليته أَن فِيهِ إِشَارَة إِلَى جَمِيع صِفَات الله عز وَجل عدمية ووجودية إِجْمَالا، لِأَن التَّسْبِيح إِشَارَة إِلَى تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن النقائص والتحميد إِلَى وَصفه بالكمال. فَالْأول: فِيهِ النُّقْصَان وَالثَّانِي: فِيهِ إِثْبَات الْكَمَال وَالثَّالِث: إِلَى تَخْصِيص مَا هُوَ أصل الدّين وأساس الْإِيمَان، يَعْنِي: التَّوْحِيد وَالرَّابِع: إِلَى أَنه أكبر مِمَّا عَرفْنَاهُ، سُبْحَانَكَ مَا عرفناك حق معرفتك.
وَقَالَ أبُو سُفْيانَ: كَتَبَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هِرْقَلَ: {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} (آل عمرَان: ٤٦) [/ ح.
أَبُو سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة أَبُو مُعَاوِيَة، وَهَذَا طرف من حَدِيث طَوِيل أخرجه فِي أول الْكتاب وَأَرَادَ بِهِ هُنَا الْإِشَارَة إِلَّا أَن لفظ الْكَلِمَة من بَاب إِطْلَاق الْبَعْض على الْكل، مثلا، إِذا أطلق لفظ: كلمة، على مثل: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله ... إِلَى آخِره، يكون المُرَاد مِنْهَا الْكَلَام، كَمَا يُقَال: كلمة التَّوْحِيد، وَهِي تشْتَمل على كَلِمَات.
وَقَالَ مُجاهدٌ: كَلِمَةُ التَّقْواى: لَا إلاهَ إلاّ الله
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} (الْفَتْح: ٦٢) أَي: لَا إِلَه إلَاّ الله، فَإِن لَا إل هـ إلَاّ الله كَلَام أطلق عَلَيْهِ الْكَلِمَة.