٩١ - (بابُ فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الفَواحِشَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من ترك الْفَوَاحِش جمع فَاحِشَة وَهِي كل مَا اشْتَدَّ قبحه من الذُّنُوب فعلا أَو قولا، وَكَذَا الْفَحْشَاء وَالْفُحْش، وَمِنْه الْكَلَام الْفَاحِش، وَيُطلق غَالِبا على الزِّنَا وَمِنْه قَوْله عز وَجل: {وَلَا تقربُوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَة} (الْإِسْرَاء: ٢٣) .
٦٠٨٦ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلامِ أخبرنَا عَبْدُ الله عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عُمَرَ عنْ خُبَيْبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ حَفْصٍ بنِ عاصِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله يَوْمَ القِيامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلاّ ظِلُّهُ: إمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأ فِي عِبادَةِ الله، ورَجُلٌ ذَكَرَ الله فِي خَلاءِ فَفاضَتْ عَيْناهُ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسْجِدِ، ورَجُلانِ تَحابَّا فِي الله، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ إِلَى نَفْسِها، قَالَ: إِنِّي أخافُ الله، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفاها حتَّى لَا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة) إِلَى قَوْله: (وَرجل تصدق) وَلَا يخفى فضل هَذَا، عِنْد الله تَعَالَى.
قَوْله: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام ويروى حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلام، وَقد وَقع فِي غَالب النّسخ: مُحَمَّد، غير مَنْسُوب فَقَالَ أَبُو عَليّ الغساني: وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ مُحَمَّد بن مقَاتل، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ مُحَمَّد بن سَلام. قَالَ الْكرْمَانِي: وَالْأول هُوَ الصَّوَاب.
قلت: لِأَنَّهُ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد أخبرنَا عبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك وَمُحَمّد بن مقَاتل مَشْهُور بالرواية عَنهُ وَكِلَاهُمَا مروزيان، وَعبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ بَاء مُوَحدَة ابْن عبد الرَّحْمَن بن خبيب الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَحَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة عَن مُسَدّد، وَفِي الصَّلَاة وَفِي الرقَاق عَن مُحَمَّد بن بشار، ومضي الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (إلَاّ ظله) إِضَافَة الظل إِلَى الله تَعَالَى إِضَافَة تشريف إِذْ الظل الْحَقِيقِيّ هُوَ منزه عَنهُ لِأَنَّهُ من خَواص الْأَجْسَام، وَقيل: ثمَّة مَحْذُوف أَي: ظلّ عَرْشه، وَقيل: المُرَاد مِنْهُ الكنف من المكاره فِي ذَلِك الْموقف الَّذِي تَدْنُو الشَّمْس مِنْهُم ويشتد عَلَيْهِم الْحر ويأخذهم الْعرق، يُقَال: فلَان فِي ظلّ فلَان أَي: فِي كنفه وحمايته. قَوْله: (عَادل) هُوَ الْوَاضِع كل شَيْء فِي مَوْضِعه. قَوْله: (وشاب) قيل: لم يقل: رجل، لِأَن الْعِبَادَة فِي الشَّاب أشق وَأَشد لغَلَبَة الشَّهَوَات. قَوْله: (فِي خلاء) أَي: فِي مَوضِع هُوَ وَحده إِذْ لَا يكون فِيهِ شَائِبَة الرِّيَاء. قَوْله: (فَفَاضَتْ عَيناهُ) قيل: الْعين لَا تقبض بل الدمع. وَأجِيب: أَنه أسْند الْفَيْض إِلَيْهَا مُبَالغَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ترى أَعينهم تفيض من الدمع} (الْمَائِدَة: ٣٨) قَوْله: (فِي الْمَسْجِد) أَي: بِالْمَسْجِدِ، وَمَعْنَاهُ شَدِيد الْمُلَازمَة للْجَمَاعَة فِيهِ. قَوْله: (تحابا) أَصله: تحابيا أدغمت الْبَاء فِي الْبَاء قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ نَحْو تبَاعد، إِلَّا نَحْو: تجاهلا، قَوْله: (فِي الله) أَي: بِسَبَبِهِ كَمَا ورد: فِي النَّفس المؤمنة مائَة من إبل أَي: بِسَبَبِهَا أَي: لَا تكون الْمحبَّة لغَرَض دُنْيَوِيّ. قَوْله: (ذَات منصب) أَي: ذَات حسب وَنسب وخصصها بِالذكر لِكَثْرَة الرَّغْبَة فِيهَا. قَوْله: (لَا تعلم) يجوز بِالرَّفْع وَالنّصب وَذكر الْيَمين وَالشمَال مُبَالغَة فِي الْإخْفَاء أَي: لَو قدرت الشمَال رجلا متيقظاً لما علم صَدَقَة الْيَمين لمبالغته فِي الْإِسْرَار وَهَذَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع.
٧٠٨٦ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ حدّثنا عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ.
(ح) وحدّثني خَلِيفَةُ حدّثنا عُمَرُ بنُ عَليٍّ حدّثنا أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ تَوَكَّلْتُ لهُ بالجَنَّةِ) . (انْظُر الحَدِيث ٤٧٤٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن من حفظ لِسَانه وفرجه يكون لَهُ فضل من ترك الْفَوَاحِش.
وَمُحَمّد بن أبي بكر الْمقدمِي بِلَفْظ اسْم الْمَفْعُول من التَّقْدِيم، يروي عَن عَمه عمر بن عَليّ وَهُوَ مَوْصُوف بالتدليس، لكنه صرح بِالتَّحْدِيثِ فِي هَذِه