وَأجِيب: بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ إِدْرَاك طائفتهم وزمان كثرتهم وخروجهم على النَّاس بِالسَّيْفِ، وَإِنَّمَا أنذر رَسُول الله، أَن سَيكون ذَلِك وَقد كَانَ كَمَا قَالَ، وَأول مَا نجم هُوَ فِي زمَان عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: قتل عَاد وَقد تقدم فِي بعث عَليّ إِلَى الْيمن أَنه قَالَ: لأقتلنهم قتل ثَمُود، وَلَا تعَارض لِأَن الْغَرَض مِنْهُ الاستئصال بِالْكُلِّيَّةِ وَعَاد وَثَمُود سَوَاء فِيهِ إِذْ عَاد استوصلت بِالرِّيحِ الصرصر وَثَمُود أهلكوا بالطاغية، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى: كَقَتل حَيْثُ لَا قتل؟ وَأجَاب بِأَن المُرَاد لَازمه وَهُوَ الْهَلَاك، وَيحْتَمل أَن تكون الْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل، وَيُرَاد بِهِ: الْقَتْل الشَّديد الْقوي لأَنهم مَشْهُورُونَ بالشدة وَالْقُوَّة.
٧٤٣٣ - حدّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ، حَدثنَا وَكِيعٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنْ أبِيهِ عنْ أبي ذَرٍ قَالَ: سألْتُ النبيَّ عنْ قَوْلِهِ {وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} قَالَ: مُسْتَقَرُّها تَحْتَ العَرْشِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تَأتي بِبَعْض التعسف، بَيَانه أَنه لما نبه على بطلَان قَول من أثبت الْجِهَة من قَوْله: {مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} وَبَين أَن الْعُلُوّ الفوقي مُضَاف إِلَى الله، وَأَن الْجِهَة الَّتِي يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا سَمَاء والجهة الَّتِي يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا عرش كل مِنْهُمَا مَخْلُوق مربوب مُحدث، وَقد كَانَ الله قبل ذَلِك، وَلَا ابْتِدَاء لأوليته وَلَا انْتِهَاء لآخريته، فَمن هَذَا تستأنس الْمُطَابقَة.
وَعَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف شين مُعْجمَة ابْن الْوَلِيد الرقام. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يروي عَن أَبِيه يزِيد من الزِّيَادَة ابْن شريك، وَقد مر عَن قريب.
والْحَدِيث مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله وَهُوَ مُخْتَصر من الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: لَا مُسْتَقر لَهَا أَي: جَارِيَة لَا تثبت فِي مَوضِع وَاحِد.
قَوْله: مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ و {تجْرِي لمستقر لَهَا} خَبره وَقيل: هِيَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: وَآيَة لَهُم الشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا.
٢٤ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وُجُوه يَوْمئِذٍ} أَي: يَوْم الْقِيَامَة، والناضرة من نَضرة النَّعيم من النّظر. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمَقْصُود من الْبَاب ذكر الظَّوَاهِر الَّتِي تشعر بِأَن العَبْد يرى ربه يَوْم الْقِيَامَة. فَإِن قلت: لَا بُد للرؤية من المواجهة والمقابلة وَخُرُوج الشعاع من الحدقة إِلَيْهِ وانطباع صُورَة المرئي فِي حدقة الرَّائِي وَنَحْوهَا مِمَّا هُوَ محَال على الله تَعَالَى. قلت: هَذِه شُرُوط عَادِية لَا عقلية يُمكن حُصُولهَا بِدُونِ هَذِه الشُّرُوط عقلا، وَلِهَذَا جوّز الأشعرية رُؤْيَة أعمى الصين بقة أندلس إِذْ هِيَ حَالَة يخلقها الله تَعَالَى فِي الْحَيّ فَلَا اسْتِحَالَة فِيهَا. وَقَالَ غَيره: اسْتدلَّ البُخَارِيّ بِهَذِهِ الْآيَة وبأحاديث الْبَاب على أَن الْمُؤمنِينَ يرَوْنَ رَبهم فِي جنَّات النَّعيم، وَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَجُمْهُور الْأمة، ومنعت ذَلِك الْخَوَارِج والمعتزلة وَبَعض المرجئة، وَلَهُم فِي ذَلِك دَلَائِل فَاسِدَة. وَفِي التَّوْضِيح حَاصِل اخْتِلَاف النَّاس فِي رُؤْيَة الله يَوْم الْقِيَامَة أَرْبَعَة أَقْوَال: قَالَ أهل الْحق: يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة دون الْكفَّار، وَقَالَت الْمُعْتَزلَة والجهمية: هِيَ ممتنعة لايراه مُؤمن وَلَا كَافِر، وَقَالَ ابْن سَالم الْبَصْرِيّ: يرَاهُ الْجَمِيع الْكَافِر وَالْمُؤمن، وَقَالَ صَاحب كتاب التَّوْحِيد من الْكفَّار من يرَاهُ رُؤْيَة امتحان لَا يَجدونَ فِيهَا لَذَّة كَمَا يكلمهم بالطرد والإبعاد، قَالَ: وَتلك الرُّؤْيَة قبل أَن يوضع الجسر بَين ظهراني جَهَنَّم، وَهَذِه الْآيَة الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة جَاءَت فِيمَا رَوَاهُ عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ والطبري وَآخَرُونَ، وَصَححهُ الْحَاكِم من طَرِيق ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة من ينظر فِي ملكه ألف سنة، وَإِن أفضلهم منزلَة، من ينظر فِي وَجه ربه عز وَجل فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ. قَالَ، ثمَّ تَلا قلت: ثُوَيْر هَذَا ضَعِيف جدا، تكلم فِيهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ.
٧٤٣٤ - حدّثنا عَمْرُو بنُ عَوْنِ، حدّثنا خالِدٌ، وهُشَيْمٌ عنْ إسْماعِيلَ، عنْ قَيْسٍ، عنْ جَرِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute