ينْطَلق عَلَيْهِ إسم الصَّدَقَة، وَقيل: بِمِقْدَار مَا أَمر أَن يقامر بِهِ، وَقيل: لما أَرَادَ الدَّاعِي إِلَى الْقمَار إِخْرَاج المَال بِالْبَاطِلِ أَمر بِإِخْرَاجِهِ فِي الْحق. قَوْله: (تعال) أَمر و (أقامرك) مجزوم. قَوْله: (فليتصدق) ، جَوَاب: من، المتضمنة لِمَعْنى الشَّرْط، وَلِهَذَا دخلت الْفَاء فِيهِ.
٦١٠٨ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حَدثنَا اللَّيْثُ عَنْ نافِعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّهُ أدْرَكَ عُمَرَ ابنَ الخَطّابِ فِي رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بأبِيهِ، فَنادَاهُمْ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إنَّ الله يَنْهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بآبائِكُمْ، فَمَنْ كانَ حالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّه، وإلَاّ فَلْيَصْمُتْ.
مطابقته للجزء الأول للتَّرْجَمَة، وَهُوَ قَوْله: متأولاً، ظَاهِرَة وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذر عمر رَضِي الله عَنهُ، فِي حلفه بِأَبِيهِ لتأويله بِالْحَقِّ الَّذِي للآباء.
وقتيبة هُوَ ابْن سعيد، وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النذور عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد ابْن رمح.
قَوْله: (وَهُوَ يحلف) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (أَلا) كلمة تَنْبِيه فتدل على تحقق مَا بعْدهَا وَهِي بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف اللَّام. قَوْله: (أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ) فَإِن قلت: ثَبت فِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: (أَفْلح وَأَبِيهِ) ، وَالْجَوَاب أَن هَذَا من جملَة مَا يُزَاد فِي الْكَلَام للتقرير وَنَحْوه وَلَا يُرَاد بِهِ الْقسم، وَالْحكمَة فِي النَّهْي أَن الْحلف يَقْتَضِي تَعْظِيم الْمَحْلُوف بِهِ وَحَقِيقَة العظمة مُخْتَصَّة بِاللَّه وَحده فَلَا يضاهى بِهِ غَيره، فَإِن قيل: قد أقسم الله تَعَالَى بمخلوقاته؟ وَأجِيب بِأَن لَهُ تَعَالَى أَن يقسم بِمَا شَاءَ تَنْبِيها على شرفه.
٧٥ - (بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الغَضَبِ والشِّدَّةِ لأمْرِ الله، وَقَالَ الله تَعَالَى: { (٩) جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} (التَّوْبَة: ٧٣، وَالتَّحْرِيم: ٩)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْغَضَب والشدة لأجل أَمر الله، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن صَبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على الْأَذَى إِنَّمَا كَانَ فِي حق نَفسه، وَأما إِذا كَانَ لله تَعَالَى فَإِنَّهُ كَانَ يمتثل فِيهِ أَمر الله تَعَالَى، وَقد قَالَ تَعَالَى: {جَاهد الْكفَّار} ... الْآيَة. قَوْله: {جَاهد الْكفَّار} أَي: السَّيْف، وجاهد الْمُنَافِقين بالاحتجاج، وَعَن قَتَادَة: مجاهدة الْمُنَافِقين بِإِقَامَة الْحُدُود عَلَيْهِم، وَعَن مُجَاهِد: بالوعيد. قَوْله: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} أَي: اسْتعْمل الغلظة والخشونة على الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا تجاهدهما بِهِ من الْقِتَال والاحتجاج.
٦١٠٩ - حدَّثنا يَسَرَةُ بنُ صَفْوانَ حَدثنَا إبْرَاهِيمُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ القاسِمِ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي البَيْتِ قِرَامٌ فِيهِ صُوَرٌ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ تَناوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَه، وقالَتْ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِنْ أشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هاذِهِ الصُّوَرَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَتَلَوَّنَ وَجهه) فَإِن ذَلِك كَانَ من غَضَبه لله تَعَالَى.
ويسرة بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالسِّين الْمُهْملَة وَالرَّاء ابْن صَفْوَان اللَّخْمِيّ، بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر اللبَاس فِي: بَاب مَا وطىء من التصاوير، وَكَذَلِكَ أخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن مَنْصُور بن أبي مُزَاحم عَن إِبْرَاهِيم ابْن سعد بِهِ وَعَن غَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: (قرام) بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف الرَّاء وَهُوَ السّتْر. قَوْله: (صور) جمع صُورَة. قَوْله: (ثمَّ تنَاول السّتْر) وَهُوَ القرام الْمَذْكُور. قَوْله: (فهتكه) أَي: خرقه. قَوْله: (من أَشد النَّاس) ويروى: إِن من أَشد النَّاس، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب اللبَاس فِي الْبَاب الْمَذْكُور.
٦١١٠ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا يَحْياى عَنْ إسْماعِيلَ بنِ أبي خالِدٍ حدّثنا قَيْسُ بنُ أبي حازِمٍ عَنْ أبي مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إنِّي لأَتَأخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الغَداة مِنْ أجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنا، قَالَ: فَما رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَطُّ أشَدَّ غَضَباً فِي مَوْعِظَةٍ