عَذَابه على سَائِر الْكفَّار لزِيَادَة قبح كفره. قَوْله (حَبَّة) أَي: حَبَّة فِيهَا طعم يُؤْكَل وَينْتَفع بهَا كالحنطة والذرة بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء النملة الصَّغِيرَة، وَالْغَرَض تعجيزهم تَارَة بِخلق الجماد، وَأُخْرَى بِخلق الْحَيَوَان. قَوْله: (ثمَّ دَعَا) ، أَي: أَبُو هُرَيْرَة. قَوْله: (بتور بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهُوَ إِنَاء كالطست. قَوْله: (من مَاء) قَالَ بَعضهم: أَي: فِيهِ مَاء. قلت: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح بل الصَّحِيح أَن كلمة: من، هُنَا بِمَعْنى: الْبَاء، أَي: دَعَا بتور بِمَاء، وَكلمَة: من تَجِيء بِمَعْنى الْبَاء كَمَا كَانَ فِي قَوْله تَعَالَى: (ينظرُونَ من طرف خَفِي) (الشورى: ٤٥) . قَوْله: (فَغسل يَدَيْهِ) غسل الْيَد كِنَايَة عَن الْوضُوء لِأَن الْوضُوء مُسْتَلْزم لَهُ. قَوْله: (إبطية) ويروى (ابطه) بِالْإِفْرَادِ قَوْله: (فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة) الْقَائِل أَبُو زرْعَة الرَّاوِي. قَوْله: (أَشَيْء مسمعته؟) أَي: تَبْلِيغ المَاء إِلَى الْإِبِط شَيْء مسمعته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ (فَقَالَ: مُنْتَهى الْحِلْية) ، أَي: التَّبْلِيغ إِلَى الْإِبِط مُنْتَهى حلية الْمُؤمن فِي الْجنَّة. وَفِي (صَحِيح مُسلم) : عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تبلغ الْحِلْية من الْمُؤمن حَيْثُ يبلغ الْوضُوء، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ضمن يبلغ معنى يتَمَكَّن وعدى بِمن أَي: يتَمَكَّن من الْمُؤمن الْحِلْية مبلغا بتمكنه الْوضُوء مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو عبيد: الْحِلْية هُنَا التحجيل يَوْم الْقِيَامَة من أثر الْوضُوء، وَقَالَ غَيره: هُوَ من قَوْله تَعَالَى: { (٨١) يحلونَ فِيهَا من أساور} (الْكَهْف: ٣١ وَالْحج: ٢٣، وفاطر: ٣٣) .
٩١ - (بابُ مَا وُطىءَ منَ التصاوِيرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا وطىء على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: ديس بالأقدام وامتهن من التصاوير.
٥٩٥٤ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سفْيانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ القاسِمِ وَمَا بالمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أفْضَلُ مِنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ أبي قَالَ: سمعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِنْ سَفَر وقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لي عَلَى سَهْوَةٍ لي فِيهَا تَماثِيلُ، فَلَمَّا رآهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَتَكَهُ وَقَالَ: أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيامَةِ الَّذِينَ يُضاهُونَ بِخَلْقِ الله. قالَتْ: فَجَعَلْناهُ وِسادَةً أوْ سادَتَيْنِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وسَادَة) لِأَنَّهُ يرتفق بهَا ويمتهن، وَتقدم فِي: بَاب الْمَظَالِم، قَالَت: فاتخذت مِنْهُ نمرقتين، النمرقة الوسادة الَّتِي يتكىء عَلَيْهَا.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم يروي عَن أَبِيه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب هَل تكسر الدنان؟ وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (من سفر) روى الْبَيْهَقِيّ أَنه كَانَ غَزْوَة تَبُوك، وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ: غَزْوَة تَبُوك أَو خَيْبَر، على الشَّك. قَوْله: (بقرام) بِكَسْر الْقَاف وبالراء هُوَ ستر فِيهِ رقم ونقوش، وَقيل: السّتْر الرَّقِيق، وَقيل: ثوب من صوف ملون يفرش فِي الهودج أَو يغطى بِهِ. قَوْله: (سهوة) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء وبالواو وَهِي الصّفة تكون بَين يَدي الْبيُوت، وَقيل: الكوة، وَقيل: الرف والطاق، وَقيل: هُوَ بَيت صَغِير منحدر فِي الأَرْض شَبيه بالخزانة الصَّغِيرَة، وَقيل: أَرْبَعَة أَعْوَاد أَو ثَلَاثَة تعَارض بِبَعْض يوضع عَلَيْهَا شَيْء من الْأَمْتِعَة، وَقيل: إِنَّه يبْنى من حَائِط الْبَيْت حَائِط صَغِير وَيجْعَل السّقف على الْجَمِيع، فَمَا كَانَ وسط الْبَيْت فَهُوَ السهوة، وَمَا كَانَ دَاخله فَهُوَ مخدع، وَقيل: دخلة فِي نَاحيَة الْبَيْت. قَوْله: (هتكه) أَي: قطعه ونزعه، وَفِي رِوَايَة تاتي: فَأمرنِي أَن أنزعه فنزعته. قَوْله: (يضاهون) أَي: يشابهون بِخلق الله. قَوْله: (وسَادَة) أَي: مخدة.
٥٩٥٥ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا عبدُ الله بنُ داوُدَ عنْ هِشامٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، منْ سَفَرٍ وعَلقْتُ دُرْنُوكاً فِيهِ تَماثِيلُ فأمَرَني أنْ أنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ.
وكُنْتُ أغُتَسِلُ أَنا والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ إناءٍ واحدٍ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَائِشَة أخرجه عَن مُسَدّد عَن عبد الله بن دَاوُد الْهَمدَانِي الْكُوفِي ثمَّ الْبَصْرِيّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.
قَوْله: (درنوكا) بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَضم النُّون وبالكاف، وَيُقَال: درموك، بِالْمِيم بدل النُّون وَهُوَ ضرب من الستور لَهُ خمل، وَقيل: نوع من الْبسط، وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ ثوب غليظ لَهُ خمل إِذا فرش فَهُوَ بِسَاط، وَإِذا