الْحَاكِم من حَدِيث مَسْرُوق عَن عبد الله، وَقَالَ: صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَعَن مُجَاهِد: كَانَ مُؤمنا وَحده وَالنَّاس كلهم كفار، وَعَن قَتَادَة لَيْسَ من أهل دين إلَاّ ويتولونه ويرضونه، وَعَن شهر بن حَوْشَب: لَا تَخْلُو الأَرْض إلَاّ وفيهَا أَرْبَعَة عشر يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَيخرج بركتها إلَاّ زمَان إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِنَّهُ كَانَ وَحده انْتهى. وَالْأمة لَهَا معَان أخر فِي الْقُرْآن من: النَّاس وَالْجَمَاعَة وَالدّين والحين وَالْوَاحد الَّذِي يقوم مقَام جمَاعَة.
وَالْقَانِتُ المُطِيعُ
هَذَا من تَتِمَّة كَلَام ابْن مَسْعُود، فَإِنَّهُ فسر القانت فِي قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا} (النَّحْل: ٠٢١) بالمطيع، وكذكل أخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره.
أكْناناً واحِدُها كِنٌّ مِثْلُ حِمْلِ وأحْمَالٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَجعل لكم من الْجبَال أكناناً} وَفسّر قَتَادَة: أكناناً، بقوله: غيراناً من الْجبَال يسكن فِيهَا، وَقَالَ البُخَارِيّ: وَاحِد الأكنان كن، بِكَسْر الْكَاف مثل حمل بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَاحِد الْأَحْمَال، والكن كل شَيْء وقى شَيْئا وستره، وَفِي بعض النّسخ وَقع هَذَا عقيب. قَوْله: (جمَاعَة النعم) .
١ - (بابُ قَوْلِهِ: {ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أرْذَلِ العُمُرِ} (النَّحْل: ٠٧)
{ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر} من رذل الرجل يرذل رذالة ورذولة، قَالَ الْجَوْهَرِي: الرذل الدون الخسيس، ورذل كل شَيْء رديه، وَكَذَلِكَ الأرذل من كل شَيْء، وأرذل الْعُمر اردؤه وأوضعه، وَقَالَ السّديّ: أرذله الخرف، وَقَالَ قَتَادَة: تسعون سنة، وَعَن عَليّ: خمس وَسَبْعُونَ سنة، وَعَن مقَاتل: الْهَرم، وَعَن ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ يرد إِلَى أَسْفَل الْعُمر، وَعَن عِكْرِمَة: من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر، وروى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره، من حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ: مائَة سنة.
٧٠٧٤ - حدَّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا هارُونُ بنُ مُوساى أبُو عبْدِ الله الأعْوَرُ عنْ شُعَيْبٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو أعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْل والكَسَلِ وأرْذَلِ العُمُرِ وعَذَابِ القَبْرِ وفِتْنَةِ الدَّجَّالِ وفِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وأرذل الْعُمر) . وَشُعَيْب هُوَ ابْن الحبحاب، بالحاءين الْمُهْمَلَتَيْنِ والباءين الموحدتين، مر فِي كتاب الْجُمُعَة. والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن أبي بكر بن نَافِع.
قَوْله: (من الْبُخْل) يَعْنِي فِي حُقُوق المَال، واستعاذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبُخْل كَمَا استعاذ أَيْضا من فتْنَة الْغِنَا، وَهُوَ إِنْفَاقه فِي الْمعاصِي أَو إِنْفَاقه فِي إِسْرَاف أَو فِي بَاطِل. قَوْله: (والكسل) هُوَ عدم انبعاث النَّفس للخير وَقلة الرَّغْبَة فِيهِ مَعَ إِمْكَانه. قَوْله: (وأرذل الْعُمر) آخِره فِي آخر الْعُمر فِي حَال الْكبر وَالْعجز والخرف، وَجه الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ أَن الْمَطْلُوب من الْعُمر التفكر فِي آلَاء الله ونعمائه من خلق الموجودات فيقوموا بِوَاجِب الشُّكْر بِالْقَلْبِ والجوارح والخرف الفاقد لَهما فَهُوَ كالشيء الردي الَّذِي لَا ينْتَفع بِهِ فَيَنْبَغِي أَن يستعاذ مِنْهُ. قَوْله: (وَعَذَاب الْقَبْر) لِأَن فِيهِ الْأَهْوَال والشدائد. قَوْله: (وفتنة الدَّجَّال) إِذْ لم تكن فتْنَة فِي الأَرْض مُنْذُ خلق الله ذُرِّيَّة آدم أعظم مِنْهَا. قَوْله: (وفتنة الْمحيا) هُوَ مفعل من الْحَيَاة وَالْمَمَات مفعل من الْمَوْت. قَالَ الشَّيْخ أَبُو النجيب السهروردي، قدس الله، روحه: يُرِيد بفتنة الْمحيا الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر وَالرِّضَا والوقوع فِي الْآفَات والأصرار على الْفساد وَترك مُتَابعَة طَرِيق الْهدى وفتنة الْمَمَات سُؤال مُنكر وَنَكِير مَعَ الْحيرَة وَالْخَوْف.
٧١ - (سُورَةُ بَنِي إسْرَائِيلَ)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة بني إِسْرَائِيل. قَالَ قَتَادَة: هِيَ مَكِّيَّة إِلَّا ثَمَان آيَات نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ، وَهِي من قَوْله: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} (الْإِسْرَاء: ٣٧) إِلَى آخِرهنَّ، وسجدتها مَدَنِيَّة، وَفِي تَفْسِير ابْن مرْدَوَيْه من غير طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس: هِيَ مَكِّيَّة، وَقَالَ السخاوي: نزلت بعد الْقَصَص وَقبل سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام. وَهِي سِتَّة آلَاف وَأَرْبع مائَة وَسِتُّونَ حرفا، وَألف وَخَمْسمِائة وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ كلمة،