عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضيَ الله عنهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ يُري أباهُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلَيْهِ الغَبَرَةُ والقَتَرَةُ. الغَبَرَةُ هِيَ القَتَرَةُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذِه وَالَّتِي قبلهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى: {واغفر لأبي أَنه كَانَ من الضَّالّين} (الشُّعَرَاء: ٦٨) فِي قصَّة سُؤال إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ورؤيته أَبَاهُ على الْهَيْئَة الْمَذْكُورَة، وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء: الْهَرَوِيّ أَبُو سعيد، سكن نيسابور ثمَّ سكن مَكَّة وَمَات سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَهُوَ من رجال الصَّحِيحَيْنِ، وَابْن أبي ذِئْب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ذِئْب واسْمه هِشَام وَسَعِيد يروي عَن أَبِيه عَن أبي سعيد واسْمه كيسَان الْمَدِينِيّ، وَكَانَ يسكن عِنْد مَقْبرَة فنسب إِلَيْهَا.
والْحَدِيث مُعَلّق وَصله النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله عَن أَبِيه عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان إِلَى آخر الحَدِيث.
قَوْله: (يرى) ، ويروى: رأى، قَوْله: (أَبَاهُ) ، هُوَ آزر. قَوْله: (عَلَيْهِ الغبرة) جملَة حَالية بِلَا وَاو. قَوْله: (والقترة) ، بِفَتْح الْقَاف وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهِي سَواد كالدخان، وَهَذَا مقتبس من قَوْله تَعَالَى: {عَلَيْهَا غبرة ترهقها قترة} (عبس: ٠٤ ١٤) ، أَي: تصيبها قترة، وَلَا يرى أوحش من اجْتِمَاع الغبرة والسواد فِي الْوَجْه. قَوْله: (الغبرة) ، مُبْتَدأ. وَقَوله: هِيَ الفترة جملَة خَبره، وَهَذَا من كَلَام البُخَارِيّ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَعَلِيهِ الغبرة والقترة، وَتَفْسِيره هَكَذَا غير طائل على مَا لَا يخفى، يفهم بِالتَّأَمُّلِ.
٩٦٧٤ - حدَّثنا إسْماعِيلُ حَدثنَا أخِي عنِ ابنِ أبي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُريِّ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَلْقَى إبْرَاهِيمُ أباهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إنَّكَ وعَدْتَني أنْ لَا تُخْزِني يَوْم يُبْعَثُونَ فَيَقُولُ الله إنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكافِرِينَ.
(انْظُر الحَدِيث ٠٥٣٣ وطرفه) .
هَذَا طَرِيق آخر عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِلَا وَاسِطَة أَبِيه، وَسَعِيد قد سمع عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَسمع أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، وَذَا لَا يقْدَح فِي صِحَة الحَدِيث. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، واسْمه عبد الله يروي عَن أَخِيه عبد الحميد بن أبي ذِئْب إِلَى آخِره ... والْحَدِيث قد مضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (لَا تخزني) فَإِن قيل: إِذا أَدخل الله أَبَاهُ فِي النَّار فقد أَخْزَاهُ لقَوْله: {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} (آل عمرَان: ٢٩١) وخزي الْوَالِد خزي الْوَلَد فَيلْزم الْخلف فِي الْوَعْد وَأَنه محَال، وَأجِيب: لَو لم يدْخل النَّار لزم الْخلف فِي الْوَعيد، وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقوله: حرمت الْجنَّة على الْكَافرين، وَيُجَاب أَيْضا بِأَن أَبَاهُ يمسخ إِلَى صُورَة ذيخ، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره خاء مُعْجمَة أَي: ضبع، ويلقى فِي النَّار فَلَا خزي حَيْثُ لَا تبقى لَهُ صورته الَّتِي هِيَ سَبَب الخزي، فَهُوَ عمل بالوعد والوعيد كليهمَا، وَقيل: الْوَعْد مَشْرُوط بِالْإِيمَان كَمَا أَن الاسْتِغْفَار لَهُ كَانَ عَن موعدة وعدها إِيَّاه، فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عَدو لله تَبرأ مِنْهُ.
٢ - (بابُ: {وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ واخْفِضْ جَناحَكَ} (الشُّعَرَاء: ٤١٢ ٥١٢) . ألِنْ جانِبَكَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وأنذر} الْخطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْمرَاد بالأقربين: بَنو عبد منَاف، وَقيل: بَنو عبد الْمطلب، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رجلا، وَقيل: هم قُرَيْش وَبِه جزم ابْن التِّين، والقربى فِي الْخمس: بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب عِنْد الشَّافِعِي، قَوْله: (ألن جَانِبك) ، من الإلانة وَهُوَ تَفْسِير قَوْله: واخفض جناحك، وَهَكَذَا فسره الْمُفَسِّرُونَ.
٠٧٧٤ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غياثٍ حَدثنَا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ قَالَ حدّثني عَمْرُو بنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: {وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} (الشُّعَرَاء: ٤١٢) صَعِدَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى الصَّفا فَجَعَلَ يُنادِي يَا بَني فِهْرٍ يَا بَني عَدِيّ لِبُطُونِ قُرَيْش حَتَّى اجْتعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَخْرُجُ أرْسَلَ رَسُولا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ فَجاءَ أبُو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ