هَذَا تَعْلِيق وَصله عبد الرَّحْمَن بن مَنْدَه بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي، هَذَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش بِهَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
٦٣١ - (بابُ رَمْيِ الجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَياتٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن عدد رمي الْجمار إِنَّمَا هُوَ بِسبع حَصَيَات، بِفَتْح الصَّاد وَالْيَاء، جمع حَصَاة وَهُوَ الصَّوَاب بِخِلَاف مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي الْحسن: حصايات.
ذكَرَهُ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: ذكر السَّبع عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَوَصله البُخَارِيّ فِي: بَاب إِذا رمى الْجَمْرَتَيْن، وَهُوَ الْبَاب الرَّابِع بعد هَذَا الْبَاب على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله.
٨٤٧١ - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ انْتَهَى إلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى جعَلَ الْبَيْتَ عَن يَسَارِهِ ومِنىً عَنْ يَمِينِهِ ورَمَى بِسَبْعٍ وَقَالَ هاكَذا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سورَةُ البَقَرَةِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عُيَيْنَة، بِضَم الْعين وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَوَقع فِي بعض النّسخ مَذْكُورا عَن الحكم بن عتيبة وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ.
قَوْله: (إِلَى الْجَمْرَة الْكُبْرَى) هِيَ جَمْرَة الْعقبَة آخر الجمرات الثَّلَاث بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتوجه من منى إِلَى مَكَّة. قَوْله: (وَمنى عَن يَمِينه) أَي: وَجعل منى عَن يَمِينه. قَوْله: (وَرمى بِسبع) ، أَي: بِسبع حَصَيَات.
وَيُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن رمي الْجَمْرَة لَا بُد أَن يكون بِسبع حَصَيَات، وَهُوَ قَول أَكثر الْعلمَاء وَذهب عَطاء إِلَى أَنه إِن رمى بِخمْس أَجزَاء، وَقَالَ مُجَاهِد إِن رمى بست فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق، وَاحْتج من قَالَ بذلك بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث سعد بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (رَجعْنَا فِي الْحجَّة مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وبعضنا يَقُول: رميت بست حَصَيَات، وبعضنا يَقُول: رميت بِسبع، فَلم يُعِبْ بعضُنا على بعض) ، وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة أبي مجلز، قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن شَيْء من أَمر الْجمار، فَقَالَ: مَا أَدْرِي، رَمَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بست أَو سبع؟ وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن الْوَاجِب سبع، كَمَا صحّح من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَجَابِر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَغَيرهم. وَأجِيب: عَن حَدِيث سعد: بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْنَد، وَعَن حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَنه ورد على الشَّك من ابْن عَبَّاس، وَشك الشاك لَا يقْدَح فِي جزم الْجَازِم، فَإِنَّهُ رَمَاهَا بِأَقَلّ من سبع حَصَيَات، فَذهب الْجُمْهُور فِيمَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض إِلَى أَن عَلَيْهِ دَمًا، وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَذهب الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر إِلَى أَن تَارِك حَصَاة مدا من طَعَام، وَفِي اثْنَتَيْنِ مَدين، وَفِي ثَلَاث فَأكْثر دَمًا. وَللشَّافِعِيّ قَول آخر: إِن فِي الْحَصَاة ثلث دم، وَله قَول آخر: إِن فِي الْحَصَاة درهما.
وَذهب أَبُو حنيفَة وصاحباه إِلَى أَنه إِن ترك أَكثر من نصف الجمرات الثَّلَاث فَعَلَيهِ دم، وَإِن ترك أقل من نصفهَا فَفِي كل حَصَاة نصف صَاع، وَعَن طَاوُوس إِن رمى سِتا يطعم تَمْرَة أَو لقْمَة. وَذكر الطَّبَرِيّ عَن بَعضهم: أَنه لَو ترك رمي جَمِيعهنَّ بعد أَن يكبر عِنْد كل جَمْرَة سبع تَكْبِيرَات أَجزَأَهُ ذَلِك، وَقَالَ: إِنَّمَا جعل الرَّمْي فِي ذَلِك بالحصى سَببا لحفظ التَّكْبِيرَات السَّبع، كَمَا جعل عقد الْأَصَابِع بالتسبيح سَببا لحفظ الْعدَد، وَذكر عَن يحيى ابْن سعيد أَنه سُئِلَ عَن الخرز والنوى يسبح بِهِ؟ قَالَ: حسن، قد كَانَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تَقول: إِنَّمَا الْحَصَى للجمار ليحفظ بِهِ التَّكْبِيرَات. وَقَالَ الحكم وَحَمَّاد: من نسي جَمْرَة أَو جمرتين أَو حصاتين يهريق دَمًا. وَقَالَ عَطاء من نسي شَيْئا من رمي الْجمار فَذكر لَيْلًا أَو نَهَارا فَيلْزم مَا نسي، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَإِن مَضَت أَيَّام التَّشْرِيق فَعَلَيهِ دم. وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ مَالك: إِن نسي حَصَاة من الْجَمْرَة حَتَّى ذهبت أَيَّام الرَّمْي ذبح شَاة، وَإِن نسي جَمْرَة تَامَّة ذبح بقرة.
وَاخْتلفُوا فِيمَن