وَفِيه: تواضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من وُجُوه ركُوبه الْحمار وركوبه على قطيفة وإردافه الْغُلَام. وَفِيه: الْبَيَان أَنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَ مَحَله من الله، عز وَجل، منزلَة لم يكن يرفع نَفسه على الردف على الدَّابَّة، وَكَانَ يردف لنتأسى بِهِ فِي ذَلِك أمته، فَلَا يأنفوا مِمَّا لم يكن يأنف مِنْهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا يستنكف مِنْهُ مِمَّا لم يستنكف. وَفِيه: فضل أُسَامَة.
٨٨٩٢ - حدَّثني يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثَنا اللَّيْثُ قَالَ يُونُسُ أخْبَرَنِي نافِعٌ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقْبَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مِنْ أعْلَى مَكَّةَ علَى رَاحِلَتِهِ مُرْدِفاً أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ ومَعَهُ بِلالٌ ومَعَهُ عُثْمَانُ بنُ طَلْحَةَ مِنَ الحَجَبَةِ حتَّى أنَاخَ فِي المَسْجِدِ فأمَرَهُ أنْ يأتِي بِمِفْتَاحِ البَيْتِ ففَتَحَ ودَخَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعَهُ أُسَامَةُ وبِلالٌ وعُثْمَانُ فمَكَثَ فِيهَا نَهَاراً طَوِيلاً ثُمَّ خَرَجَ فاسْتَبَقَ النَّاسُ وكانَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ أوَّلَ منْ دَخَلَ فوَجَدَ بِلالاً ورَاءَ البَابِ قائِماً فسَألَهُ أيْنَ صَلَّى رسوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأشَارَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي صلَّى فيهِ. قَالَ عَبْدُ الله فنَسِيتُ أنْ أسْألَهُ كَمْ صلَّى مِنْ سَجْدَةٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(مردفاً أُسَامَة بن زيد) فَإِن قلت: التَّرْجَمَة فِي الردف على الْحمار، وَهنا الردف على الرَّاحِلَة؟ قلت: كِلَاهُمَا فِي نفس الارتداف سَوَاء، وَالْفرق فِي الدَّابَّة وتواضعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إردافه على الْحمار أقوى وَأعظم من إردافه على الرَّاحِلَة، فَيلْحق هَذَا بِذَاكَ. وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي. وَقَالَ اللَّيْث: قَوْله: (من الحجبة؟) ، جمع الْحَاجِب، أَي: حجبة الْكَعْبَة وسدنتها وبيدهم مفتاحها. قَوْله:(فَفتح) ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَأتى بالمفتاح فَفتح بِهِ الْكَعْبَة. قَوْله:(فَاسْتَبق النَّاس) أَي: فتسابقوا. قَوْله:(أَيْن صلى؟) قد سبق الْكَلَام فِي الصَّلَاة بَين من أثبت ثلاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين من نفاها.
٨٢١ - (بابُ مَنْ أخذَ بالرِّكَابِ ونَحْوِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من أَخذ بالركاب أَي: بركاب الرَّاكِب. قَوْله:(وَنَحْوه) ، مثل الْإِعَانَة على الرّكُوب وتعديل قماشه وَنَحْو ذَلِك، فَإِن هَذِه الْأَشْيَاء من الْفَضَائِل، وَقد أَخذ ابْن عَبَّاس بركاب زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَقَالَ لَهُ: لَا تفعل يَا ابْن عَم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَكَذَا أمرنَا أَن نَفْعل بعلمائنا، فَأخذ زيد بن عَبَّاس فقبلها، فَقَالَ لَهُ: لَا تفعل، فَقَالَ: هَكَذَا أمرنَا أَن نَفْعل بآل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.