للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسلم، فِيما بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَأنَا رَجُلٌ حِلٌّ عَلَى فَرَسٍ وَكُنْتُ رَقَّاءً عَلَى الجِبَالِ، فَبَيْنا أنَا عَلَى ذالِكَ إذْ رَأيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَيْء فَذَهَبْتُ أنْظُرُ فَإذا هُوَ حِمارُ وَحْشِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا هاذا قَالُوا: لَا نَدْرِي. قُلْتُ هُوَ حِمَارٌ وَحْشِيٌ؟ فَقَالُوا: هُوَ مَا رَأيْتَ، وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِي فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي سَوْطِي فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ، فَنَزَلْتُ فَأخَذْتُهُ ثُمَّ ضَرَبْتُ فِي أثَرِهِ فَلَمْ يَكُنْ إلَاّ ذَاكَ حَتَّى عَقَرْتُهُ فَأتَيْتُ إلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ: قُومُوا فَاحْتَمِلُوا قَالُوا: لَا تَمَسُّهُ فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ، فَأبَى بَعْضُهُمْ وَأكَلَ بَعْضُهُمْ. فَقُلْتُ: أنَا أسْتَوقْفُ لَكُمْ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الحَدِيثَ فَقَالَ لِي: أبَقِيَ مَعَكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: كُلُوا فَهُوَ طُعْمٌ أطْعَمَكُمُوهَا الله.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَكنت رقاء على الْجبَال) لِأَن مَعْنَاهُ: كنت كثير الرقي على الْجبَال، من رقى يرقى من بَاب علم يعلم رقيا ورقيا بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة، والرقي الصعُود والارتفاع، وَلَا يَخْلُو من الْمَشَقَّة والتكلف والترجمة فِيهَا معنى التَّكَلُّف، وَمرَاده. كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت على الْجَبَل، وَلِهَذَا يَقُول: فَنزلت. أَي: من الْجَبَل أَو من الْفرس.

وَيحيى بن سُلَيْمَان أَبُو سعيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي نزل مصر، يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ يروي عَن عَمْرو بن الْحَارِث الْمصْرِيّ عَن أبي النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة سَالم عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة، وَأبي صَالح نَبهَان بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة مولى التؤمة، حكى عِيَاض عَن الْمُحدثين بِضَم الثَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقَالَ: الصَّوَاب فتح أَوله، وَحكى ابْن التِّين والتؤمة، بِوَزْن الحطمة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مولى التؤمة بِفَتْح الفوقانية، يُقَال: أتأمت الْمَرْأَة إِذا وضعت اثْنَيْنِ فِي بطن، والولدان توأمان، يُقَال: هَذَا توأم لهَذَا، وَهَذِه توأمة لهَذِهِ، وَالْجمع توائم نَحْو: جَعْفَر وجعافر، وَهِي بنت أُميَّة بن خلف الجُمَحِي وَسميت بهَا لِأَنَّهَا كَانَت مَعَ أُخْت لَهَا فِي بطن أمهَا وَلَيْسَ لنبهان هَذَا فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَنَافِع الْمَذْكُور وَأَبُو صَالح كِلَاهُمَا يرويان عَن أبي قَتَادَة والْحَدِيث مَحْفُوظ لأبي صَالح نَبهَان لَا لِابْنِهِ صَالح، وَمن ظن غير هَذَا فقد غلط.

قَوْله: (وهم محرمون) الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي (وَأَنا رجل حل) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام أَي: حَلَال قَوْله: (فَبينا) طرف مُضَاف إِلَى جملَة. قَوْله: (إِذْ رَأَيْت النَّاس) جَوَابه. قَوْله: (متشوفين) من قَوْلهم: تشوف فلَان للشَّيْء أَي: لمح لَهُ وَنظر إِلَيْهِ، ومادته شين مُعْجمَة، وواو وَفَاء. قَوْله: (فِي أَثَره) أَي: وَرَاءه، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال: خرجت فِي أَثَره وأثره يَعْنِي: بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبفتحهما أَيْضا. قَوْله: (عقرته) أَي: جرحته. قَوْله: (فاحتملوا) صِيغَة أَمر للْجَمَاعَة قَوْله: (فَأبى بَعضهم) يَعْنِي: امْتنع بَعضهم من الْأكل. قَوْله: (استوقف لكم) أَي: أسأله أَن يقف لكم. قَوْله: (أبقى) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على وَجه الاستخبار.

١٢ - (بَابُ: {قَوْلِ الله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْر} (الْمَائِدَة: ٩٦)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {أحل لكم صيد الْبَحْر} وَهَذَا الْمِقْدَار رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم} وروى سعيد بن جُبَير وَسَعِيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أحل لكم صيد الْبَحْر} . يَعْنِي: مَا يصطاد مِنْهُ طريا وَطَعَامه مَا يتزود مِنْهُ مليحا يَابسا قَوْله: (مَتَاعا لكم) أَي: مَنْفَعَة وقوتا لكم أَيهَا المخاطبون وانتصابه على أَنه مفعول لَهُ. أَي: تمتيعا لكم. قَوْله: (وللسيارة) جمع سيار، وَقَالَ عِكْرِمَة: لمن كَانَ بِحَضْرَة الْبَحْر وَالسّفر.

{وَقَالَ عُمَرُ: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ وَطعامُهُ مَا رَمَى بِهِ}

أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صَيْده. أَي: صيد الْبَحْر (مَا اصطيد) أَي: الَّذِي اصطيد، وَطَعَام الْبَحْر مَا رمى بِهِ أَي: مَا قذفه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد بن حميد من طَرِيق عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: لما قدمت الْبَحْرين سَأَلَني أَهلهَا عَمَّا قذف الْبَحْر فَأَمَرتهمْ أَن يأكلوه فَلَمَّا قدمت على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَذكرت قصَّته. قَالَ: فَقَالَ عمر: قَالَ الله عز وَجل فِي كِتَابه: (أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه) فصيده مَا صيد، وَطَعَامه مَا قذف بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>