للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بَاب التفعل ويروى: انْكَشَفَ، بالنُّون من الانكشاف من بَاب الانفعال، أَرَادَت أَنَّهَا تخشى أَن تظهر عورتها وَهِي لَا تشعر. قَوْله: (إِن شِئْت صبرت)

إِلَى الخ، خَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَن تصبر على هَذِه الْهَيْئَة وَلها الْجنَّة، وَبَين أَن يَدْعُو الله تَعَالَى فيعافيها، فَاخْتَارَتْ الصَّبْر، ثمَّ قَالَت: أخْشَى من كشف الْعَوْرَة، فَدَعَا لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْقَطع عَنْهَا التكشف. قَوْله: (فَادع الله أَن لَا أتكشف) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، ويروى: فَادع الله أَن لَا أنكشف، بالنُّون وَبِزِيَادَة كلمة لي، وَفِيه فَضِيلَة مَا يَتَرَتَّب على الصَّبْر على الصرع، وَأَن اخْتِيَار الْبلَاء وَالصَّبْر عَلَيْهِ يُورث الْجنَّة، وَأَن الْأَخْذ بالشدة أفضل من الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لمن علم من نَفسه أَنه يُطيق التَّمَادِي على الشدَّة، وَلَا يضعف عَن التزامها.

ح دّثنا مُحَمَّدٌ أخبرَنا مَخْلَدٌ عنِ ابنِ جُرَيحٍّ أخْبرنِي عطاءٌ أنَّهُ رأى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ علَى سِتْرِ الكَعْبَةِ.

الَّذِي: يفهم من هَذِه الرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهَا البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن مخلد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة ابْن يزِيد عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح: أَن أم زفر هِيَ الْمَرْأَة السَّوْدَاء الْمَذْكُورَة، وَبِهَذَا قَالَ الْكرْمَانِي: أم زفر، بِضَم الزَّاي وَفتح الْفَاء وبالراء، كنية تِلْكَ الْمَرْأَة المصروعة، وَلَكِن الَّذِي يفهم من كَلَام الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) أَن أم زفر غير السَّوْدَاء الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ ذكر كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي بَاب، وَكَذَلِكَ يفهم من كَلَام ابْن الْأَثِير: إِن أم زفر غَيرهَا، حَيْثُ قَالَ: أم زفر ماشطة خَدِيجَة كَانَت عجوزاً سَوْدَاء يَغْشَاهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زمَان خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكر الذَّهَبِيّ أَن أم زفر ثِنْتَانِ حَيْثُ قَالَ فِي بَاب الكنى: أم زفر كَانَ بهَا جُنُون، ذكرت فِي حَدِيث مُرْسل، وَقَالَ أَيْضا: أم زفر ماشطة خَدِيجَة فِيمَا قيل، فعلَّم على الأولى عَلامَة البُخَارِيّ وَلم يعلّم على الثَّانِيَة، وَعَن هَذَا قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : ذكرت فِي الصحابيات أم زفر ثِنْتَانِ، ثمَّ طول الْكَلَام من غير تَحْرِير، وَقَول الذَّهَبِيّ: ذكرت فِي حَدِيث مُرْسل، هُوَ مَا ذكره أَبُو عمر فِي (الِاسْتِيعَاب) فَقَالَ: أم زفر الَّتِي كَانَ بهَا مس من الْجِنّ. ذكر حجاج وَغَيره عَن ابْن جريج عَن الْحسن بن مُسلم أَنه أخبرهُ أَنه سمع طاووساً يَقُول: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُؤْتى بالمجانين فَيضْرب صدر أحدهم وَيبرأ، فَأتي بمجنونة يُقَال لَهَا: أم زفر، فَضرب صدرها فَلم تَبرأ وَلم يخرج شيطانها، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ مَعهَا فِي الدُّنْيَا وَلها فِي الْآخِرَة خير. قَوْله: (تِلْكَ امْرَأَة) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: تِلْكَ الْمَرْأَة قَوْله: (على ستر الْكَعْبَة) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، أَي: جالسة على ستر الْكَعْبَة أَو مُعْتَمدَة عَلَيْهِ، وعَلى يتَعَلَّق بقوله: رأى، وَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي عَطاء أَنه رأى أم زفر تِلْكَ الْمَرْأَة سَوْدَاء طَوِيلَة على سلم الْكَعْبَة، وروى الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهَا قَالَت: إِنِّي أَخَاف الْخَبيث أَن يجردني، فَدَعَا لَهَا، فَكَانَت إِذا خشيت أَن يَأْتِيهَا تَأتي أَسْتَار الْكَعْبَة فتتعلق بهَا.

٧ - (بابُ فَضلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من ذهب بَصَره، قيل: سَقَطت هَذِه التَّرْجَمَة وحديثها من رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَقد جَاءَ بِلَفْظ التَّرْجَمَة حَدِيث أخرجه الْبَزَّار عَن زيد بن أَرقم بِلَفْظ: مَا ابْتُلِيَ عبد بعد ذهَاب دينه بأشد من ذهَاب بَصَره، وَمن ابْتُلِيَ ببصره فَصَبر حَتَّى يلقى الله لَقِي الله تَعَالَى وَلَا حِسَاب عَلَيْهِ.

٥٦٥٣ - حدّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا الليْثُ قَالَ: حدّثني ابنُ الْهادِ عنْ عَمْروٍ مَوْلى المُطَّلِبِ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رضيَ الله عنهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: إذَا ابْتَليْتُ عَبْدِي بِحَبِيبتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُما الجَنَّةَ يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَابْن الْهَاد هُوَ يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ عَن عَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن أبي عَمْرو وميسرة مولى الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد من أَفْرَاده.

قَوْله: (بحبيبتيه) قد فسرهما فِي آخر الحَدِيث بقوله: (يُرِيد: عَيْنَيْهِ) وحبيبتيه بِمَعْنى محبوبتيه لِأَنَّهَا أحب أَعْضَاء الْإِنْسَان إِلَيْهِ، وَلَا يخفى ذَلِك على أحد. قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>