للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الاحتراق، ويروى بِصِيغَة الْمَعْلُوم وَهُوَ الْأَصَح. قَوْله: (مَاء الْحَيَاة) وَفِي حَدِيث أبي سعيد: (فيلقون فِي نهر الْحَيَاة أَو الحيا) . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: (فيلقون فِي نهر بأفواه الْجنَّة يُقَال لَهُ: مَاء الْحَيَاة) . والأفواه جمع فوهة على غير قِيَاس. قَوْله: (الْحبَّة) ، بِكَسْر الْحَاء بزر الرياحين، وَقيل: بزور الصَّحرَاء. قَوْله: (فِي حميل السَّيْل) أَي: فِي محموله أَي: فِي الَّذِي يحملهُ السَّيْل من الغثاء، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب صفة الْجنَّة وَالنَّار. قَوْله: (وَيبقى رجل مِنْهُم) فِي رِوَايَة الْكشميهني: (وَكَانَ هَذَا الرجل نباشاً من بني إِسْرَائِيل) . قَوْله: (فَيَقُول: يَا رب) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد: (أَي رب) ، على مَا يَجِيء فِي التَّوْحِيد. قَوْله: (قد قشبني) ، بقاف وشين مُعْجمَة مفتوحتين مخففاً وَرُوِيَ التَّشْدِيد، وَقَالَ الْخطابِيّ: قشب الدُّخان إِذا مَلأ خياشيمه وَأخذ يكظمه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: القشب الْإِصَابَة بِكُل مَا يكره ويستقذر. قَوْله: (ذكاؤها) ، كَذَا هُوَ بِالْمدِّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره: (ذكاها) ، بِالْقصرِ وَهُوَ الْأَشْهر فِي اللُّغَة، وَقَالَ ابْن القطاع: يُقَال: ذكت النَّار تذكو ذكاً بِالْقصرِ وذكواً بِالضَّمِّ وَتَشْديد الْوَاو أَي: كثر لهبها وَاشْتَدَّ اشتعالها ووهجها. قَوْله: (فاصرف وَجْهي عَن النَّار) ، قيل: كَيفَ يَقُول هَذَا القَوْل وَالْحَال أَنه يمر على الصِّرَاط طَالبا الْجنَّة فوجهه إِلَى الْجنَّة؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ قيل: إِنَّه كَانَ يتقلب على الصِّرَاط ظهرا لبطن فَكَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالة انْتهى إِلَى آخِره فصادف أَن وَجهه كَانَ من قبل النَّار وَلم يقدر على صرفه عَنْهَا بِاخْتِيَارِهِ، فَسَأَلَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك.

قلت: الْأَحْسَن أَن يُقَال إِنَّه من قبيل قَوْله تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الْفَاتِحَة: ٦) أَي: ثَبت صرف وَجْهي عَن النَّار لِأَنَّهُ لما توجه إِلَى الْجنَّة سَأَلَ الله تَعَالَى أَن يديم عَلَيْهِ صرف وَجهه عَن النَّار لما كَانَ يقاسي مِنْهَا. قَوْله: (فَيصْرف وَجهه عَن النَّار) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (مَا أغدرك!) فعل التَّعَجُّب من الْغدر وَهُوَ نقض الْعَهْد وَترك الْوَفَاء. قَوْله: (فَإِذا رأى مَا فِيهَا) ، فَإِن قلت: كَيفَ رأى مَا فِي الْجنَّة وَالْحَال أَنه لم يدخلهَا وقتئذٍ؟ .

قلت: لِأَن جِدَار الْجنَّة شفاف فَيرى بَاطِنهَا من ظَاهرهَا كَمَا جَاءَ فِي وصف الغرف، وَقيل: المُرَاد من الرُّؤْيَة الْعلم الَّذِي يحصل لَهُ من سطوع رائحتها الطّيبَة وأنوارها المضيئة كَمَا كَانَ يحصل لَهُ من سطوع رَائِحَة النَّار ونفحها وَهُوَ خَارِجهَا. قَوْله: (لَا تجعلني أَشْقَى خلقك) ، المُرَاد بالخلق هُنَا من دخل الْجنَّة، قيل: لَيْسَ هُوَ أَشْقَى الْخلق لِأَنَّهُ مُؤمن خَارج من النَّار. وَأجِيب: بِأَن الأشقى بِمَعْنى الشقي، أَو يخصص الْخلق بالخارجين مِنْهَا. قَوْله: (حَتَّى يضْحك) ، قيل: الضحك لَا يَصح على الله. وَأجِيب: بِأَنَّهُ مجَاز عَن الرِّضَا بِهِ. قَوْله: (من كَذَا) أَي: من الْجِنْس الْفُلَانِيّ.

قَوْله: (قَالَ أَبُو هُرَيْرَة) هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور. قَوْله: (وَذَلِكَ الرجل) ، قيل: اسْمه هناد بالنُّون والمهملة، وَقيل: جُهَيْنَة، وَقد وَقع فِي (غرائب مَالك) : للدارقطني من طَرِيق عبد الْملك بن الحكم وَهُوَ رَوَاهُ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَفعه: (إِن آخر من يدْخل الْجنَّة رجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ: جُهَيْنَة، فَيَقُول أهل الْجنَّة: عِنْد جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين) . وَقيل: وَجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه يجوز أَن يكون أحدالإسمين لأحد الْمَذْكُورين وَالْآخر للْآخر. قَوْله: (الْأَمَانِي) جمع أُمْنِية. قَوْله: (هَذَا لَك وَمثله مَعَه) ، هَذَا إِشَارَة إِلَى متمناه الَّذِي وقف عَلَيْهِ.

قَوْله: (قَالَ: وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ جَالس) الْقَائِل هُوَ عَطاء بن يزِيد بَينه إِبْرَاهِيم بن سعد فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ عَطاء بن يزِيد: وَأَبُو سيعد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (هَذَا لَك عشرَة أَمْثَاله) ، وَجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه يحْتَمل أَن يكون قد أخبر بِالْمثلِ أَو لَا ثمَّ اطلعه الله تَعَالَى بتفضله بِالْعشرَةِ.

٣٥ - (بابٌ فِي الحَوْضِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر حَوْض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والحوض الَّذِي يجمع فِيهِ المَاء وَيجمع على أحواض وحياض. وَالْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِيهِ كَثِيرَة بِحَيْثُ صَارَت متواترة من جِهَة الْمَعْنى، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب وَهُوَ الْكَوْثَر على بَاب الْجنَّة يسقى الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ، وَهُوَ مَخْلُوق الْيَوْم. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي (التَّذْكِرَة) : ذهب صَاحب (الْقُوت) : وَغَيره إِلَى أَن الْحَوْض يكون بعد الصِّرَاط، وَذهب آخَرُونَ إِلَى الْعَكْس، وَالصَّحِيح أَن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حوضين: أَحدهمَا فِي الْموقف قبل الصِّرَاط، وَالْآخر دَاخل الْجنَّة، وكل مِنْهُمَا يُسمى: كوثراً، وَفِي بعض النّسخ: كتاب فِي الْحَوْض، وَقَبله الْبَسْمَلَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>