للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن يكون أمامها أَو خلفهَا أَو غير ذَلِك. قلت: هَذَا تحكم، وَاتِّبَاع الرجل غَيره فِي اللُّغَة وَالْعرْف عبارَة عَن أَن يمشي وَرَاءه، وَلَيْسَ لما قَالَه وَجه من الْوُجُوه.

فَرَّطْتُ: ضَيَّعْتُ مِنْ أمْرِ الله

جرى دأب البُخَارِيّ أَنه يُفَسر الْكَلِمَة الغريبة من الحَدِيث إِذا وَافَقت كلمة من الْقُرْآن، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي الْقُرْآن: {يَا حسرتا على مَا فرطت فِي جنب الله} (الزمر: ٦٥) . وَمَعْنَاهُ: ضيعت من أَمر الله، وَفِي جَمِيع الطّرق وَقع: فرطت ضيعت من أَمر الله، وَفِي بعض النّسخ: فرطت من أَمر الله أَي: ضيعت، وَهَذَا أشبه.

٨٥ - (بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ثَوَاب من انْتظر الْمَيِّت أَي: لم يُفَارِقهُ حَتَّى يدْفن، يَعْنِي إِلَى أَن يدْفن، وَإِنَّمَا لم يذكر جَوَاب الشَّرْط اكْتِفَاء بِمَا ذكر فِي الحَدِيث. وَقيل: إِنَّمَا لم يذكر توقفا عَن إِثْبَات الِاسْتِحْقَاق بِمُجَرَّد الِانْتِظَار إِن خلا عَن الِاتِّبَاع. فَإِن قلت: لفظ الحَدِيث (من شهد الْجِنَازَة) ، فَلم عدل عَنهُ إِلَى لفظ الِانْتِظَار. قلت: قيل: لينبه على أَن الْمَقْصُود من الشُّهُود إِنَّمَا هُوَ معاضدة أهل الْمَيِّت والتصدي لمعونتهم، وَذَلِكَ من الْمَقَاصِد الْمُعْتَبرَة. وَقَالَ بَعضهم: اخْتَار لفظ الِانْتِظَار لكَونه أَعم من الْمُشَاهدَة. انْتهى وَفِي كل وَاحِد مِنْهُمَا نظر. أما الأول: فَلِأَنَّهُ إِذا عاضد أهل الْمَيِّت وتصدى لمعونتهم وَلم يصلِّ لَا يسْتَحق القيراط الْمَوْعُود بِهِ، وَكَذَلِكَ إِذا صلى وَلم يحضر الدّفن لَا يسْتَحق القيراطين الْمَوْعُود بهما. وَإِنَّمَا يسْتَحق قيراطا وَاحِدًا، فَعلم من ذَلِك أَن الْمَقْصُود من الشُّهُود لَيْسَ مُجَرّد الشُّهُود لأجل مَا ذكره. وَأما الثَّانِي: فَلَا نسلم أَن الِانْتِظَار أَعم من الْمُشَاهدَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين مفهوميهما عُمُوم وخصوص، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِنَّمَا اخْتَار لفظ الِانْتِظَار إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه بِلَفْظ الِانْتِظَار فِي رِوَايَة الْبَزَّار، رَحمَه الله تَعَالَى: (فَإِن انتظرها حَتَّى تدفن فَلهُ قِيرَاط) . رَوَاهُ ابْن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

٥٢٣١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ. قَالَ قَرَأْتُ عَلَى ابنِ أبِي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدِ بنِ أبي سعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبِيهِ أنَّهُ سألَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فقالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا هِشَامٌ حدَّثنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حدَّثنا أحْمَدُ بنُ شَبِيبِ بنِ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثني أبي قَالَ حدَّثنا يُونُسُ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ وحدَّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ الأعْرَجِ أنَّ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كانَ لَهُ قِيرَاطانِ قِيلَ وَما القِيرَاطانِ قَالَ مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ.

(أنظر الحَدِيث ٧٤ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (من شهد حَتَّى تدفن) إِذا جعل شهد بِمَعْنى حضر، وَالتَّحْقِيق فِيهِ مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة عشر رجلا، لِأَنَّهُ رَوَاهُ من ثَلَاث طرق: الأول: عبد الله بن مسلمة القعْنبِي. الثَّانِي: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب. الثَّالِث: سعيد بن أبي سعيد. الرَّابِع: أَبوهُ أَبُو سعيد، واسْمه كيسَان، وَهَؤُلَاء قد ذكرُوا غير مرّة. الْخَامِس: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي. السَّادِس: هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن قَاضِي صنعاء من أَبنَاء فَارس. السَّابِع: معمر ابْن رَاشد. الثَّامِن: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. التَّاسِع: سعيد بن الْمسيب. الْعَاشِر: أَحْمد بن شبيب، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: ابْن سعيد أَبُو عبد الله الحبطي، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة: الْبَصْرِيّ. الْحَادِي عشر: أَبوهُ شبيب بن سعيد. الثَّانِي عشر: يُونُس بن يزِيد. الثَّالِث عشر: عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج. الرَّابِع عشر:

<<  <  ج: ص:  >  >>