الرَّاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء: وَهُوَ الدَّرَاهِم المضروبة، أَي: نهى عَن بيع الْفضة بِالذَّهَب نسأ، أَي: بِالتَّأْخِيرِ، وَهُوَ بِفَتْح النُّون وبالمد وَالْقصر، وَمِنْه: نسأت الدّين أَي: أَخَّرته نسَاء وأنسأته إنسا، وَالنِّسَاء الإسم، فَإِن قلت: انتصاب نسَاء بِمَاذَا؟ قلت: يجوز أَن يكون على الْحَال، وَيكون نسأ بِمَعْنى منسأ على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول. قَوْله: (بناجز) بالزاي فِي آخِره، أَي: بحاضر، يُقَال: نجز ينجز نجزا إِذا حضر وَحصل. قَوْله: (فَقَالَ) أَي: ابْن عَبَّاس نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن بيع ثَمَر النّخل حَتَّى يُؤْكَل مِنْهُ، أَي: حَتَّى يُؤْكَل من النّخل ثمره، أَو يَأْكُلهُ صَاحبه مِنْهُ. قَوْله: (وَحَتَّى يُوزن) أَي: حَتَّى يخرص، وَقد مر عَن قريب.
وَاسْتدلَّ بَعضهم بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور على جَوَاز السّلم فِي النّخل الْمعِين من الْبُسْتَان الْمعِين، وَلَكِن بعد بَدو صَلَاحه، وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة أَيْضا وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: اتِّفَاق الْأَكْثَر على منع السّلم فِي بُسْتَان معِين لِأَنَّهُ غرر. قلت: وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَيْضا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله بن سَلام فِي قصَّة إِسْلَام زيد بن سعنة، بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفتح النُّون، أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك أَن تبيعني تَمرا مَعْلُوما إِلَى أجل مَعْلُوم من حَائِط بني فلَان؟ قَالَ: (لَا أبيعك من حَائِط مُسَمّى، بل أبيعك أوسقا مُسَمَّاة إِلَى أجل مُسَمّى) .
٠٥٢٢ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرو عنْ أبِي الْبَخْتَريِّ قَالَ سألْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حتَّى يَصْلُحَ ونِهىَ عنِ الوَرِقِ بالذَّهَبِ نَسَاءً بِناجِزٍ وسألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ بَيْعِ النَّخْلِ حتَّى يأكلَ أوْ يُؤْكَلَ وحتَّى يُوزَنَ قُلْتُ وَمَا يُوزَنُ قَالَ رجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ. (انْظُر الحَدِيث ٦٨٤١ وطرفه) . (انْظُر الحَدِيث ٦٤٢٢ وطرفه) .
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر، وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة ... إِلَى آخِره، قَوْله: (فَقَالَ: نهى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت: نهى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَنهي عمر إِمَّا عَن السماع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِمَّا عَن اجْتِهَاده.
٥ - (بابُ الكَفِيلِ فِي السَّلَمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْكَفِيل فِي السّلم.
١٥٢٢ - حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَعْلَى قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ عنْ إبْراهِيمَ عنِ الأسْوَدِ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتِ اشْتَرَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعاما مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ ورَهَنَهُ دِرْعا لَهُ مِنْ حدِيدٍ. .
قيل: لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث مَا ترْجم بِهِ، وَأجَاب الْكرْمَانِي بِأَنَّهُ: إِمَّا أَن يُرَاد بِالْكَفَالَةِ الضَّمَان، وَلَا شكّ أَن الْمَرْهُون ضَامِن للدّين من حَيْثُ إِنَّه يُبَاع فِيهِ. وَأما يُقَاس على الرَّهْن بِجَامِع كَونهمَا وَثِيقَة، وَلِهَذَا كل مَا صَحَّ الرَّهْن فِيهِ صَحَّ ضَمَانه. وَبِالْعَكْسِ. قلت: إِثْبَات الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة بِهَذَا الْكَلَام، إِنَّمَا هُوَ بِالْجَرِّ الثقيل، وَمَعَ هَذَا الْجَواب الثَّانِي فِيهِ بعض قرب، وَالْأَقْرَب مِنْهُ أَن يُقَال: إِن عَادَته جرت أَن يُشِير إِلَى بعض مَا ورد فِي بعض طرق الحَدِيث، وَقد روى فِي الرَّهْن عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش، قَالَ: تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم الرَّهْن والقبيل فِي السّلف، فَذكر إِبْرَاهِيم هَذَا الحَدِيث، وَفِيه التَّصْرِيح بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيل، لِأَن الْقَبِيل هُوَ الْكَفِيل، وَبِهَذَا يُجَاب أَيْضا عَمَّا قَالَه الْكرْمَانِي: لَيْسَ فِيهِ عقد السّلم، لِأَن السّلف هُوَ السّلم.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب شِرَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّسِيئَةِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُعلى بن أَسد عَن عبد الْوَاحِد عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، وَهنا أخرجه: عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن يعلى، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وبالقصر: ابْن عبيد بِالتَّصْغِيرِ أبي يُوسُف الطنافسي الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، مَاتَ سنة تسع وَمِائَتَيْنِ، عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ، وَقد مر الْبَحْث فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute