للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٤١ - حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ قَالَ حدَّثني أبي قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بايَعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى إقَامِ الصَّلَاةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكلِّ مُسْلِمٍ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وإيتاء الزَّكَاة) ، وَقد مضى الحَدِيث فِي آخر كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدّين النَّصِيحَة لله وَرَسُوله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس عَن جرير، وَهنا أخرجه: عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن نمير، بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد تقدم فِي: بَاب مَا ينْهَى من الْكَلَام، وَهُوَ يحدث وَحده عَن أَبِيه عبد الله بن نمير، وَقد مر هُوَ فِي: بَاب إِذا لم يجد مَاء وَلَا تُرَابا، وَهُوَ يروي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي، وَاسم أبي خَالِد: سعد، وَيُقَال: هُرْمُز، مَاتَ سنة خمس أَو سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَهُوَ يروي عَن قيس ابْن أبي حَازِم واسْمه عَوْف أَبُو عبد الله الأحمسي البَجلِيّ، قدم الْمَدِينَة بَعْدَمَا قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ عَمْرو بن عَليّ: مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ، وَقد مضى هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ.

٣ - (بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من منع زَكَاته، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (المعجم الصَّغِير) من رِوَايَة سعد بن سِنَان عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَانع الزَّكَاة يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار) ، وَسعد ضعفه النَّسَائِيّ، وَعَن أَحْمد أَنه ثِقَة، وروى النَّسَائِيّ من رِوَايَة الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لعن آكل الرِّبَا وموكله وكاتبه ومانع الصَّدَقَة) .

وَقَوْلُ الله تعَالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هاذا مَا كَنَزْتُمْ لأِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (التَّوْبَة: ٤٣، ٥٣) .

وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على مَا قبله، وَالتَّقْدِير: وَفِي بَيَان قَول الله، عز وَجل، والمطابقة بَين التَّرْجَمَة وَالْآيَة أَن الْآيَة أَيْضا فِي بَيَان إِثْم مَانع الزَّكَاة، نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَامَّة أهل الْكتاب وَالْمُسْلِمين، وَقيل: بل خَاصَّة بِأَهْل الْكتاب، وَقيل: بل هُوَ كَلَام مُسْتَأْنف فِي حق من لَا يُزكي من هَذِه الْأمة، قَالَه ابْن عَبَّاس وَالسُّديّ، وَأكْثر الْمُفَسّرين، وَسَيَجِيءُ فِي تَفْسِير هَذِه عَن البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا جرير عَن حُصَيْن عَن زيد بن وهب، قَالَ: مَرَرْت على أبي ذَر بالربذة فَقلت: مَا أنزلك هَذِه الأَرْض؟ فَقَالَ: كُنَّا بِالشَّام فَقَرَأت: {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} (التَّوْبَة: ٤٣) . الْآيَة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: مَا هَذَا فِينَا، مَا هَذَا إلَاّ فِي أهل الْكتاب. قَالَ: قلت: إِنَّهَا لفينا وَفِيهِمْ، وَرَوَاهُ ابْن جرير، وَزَاد، فارتفع فِي ذَلِك القَوْل بيني وَبَينه، فَكتب إِلَى عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يشكوني، فَكتب إِلَيّ عُثْمَان: أَن أقبل إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَقْبَلت، فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة ركبني النَّاس كَأَنَّهُمْ لم يروني يَوْمئِذٍ، فشكوت ذَلِك إِلَى عُثْمَان، فَقَالَ لي: تَنَح قَرِيبا. فَقلت: وَالله لن أدع مَا كنت أَقُول. وَكَانَ من مَذْهَب أبي ذَر تَحْرِيم إدخار مَا زَاد على نَفَقَة الْعِيَال، وَكَانَ يُفْتِي النَّاس بذلك ويحثهم عَلَيْهِ وَيَأْمُرهُمْ بِهِ ويغلظ فِي خِلَافه، فَنَهَاهُ مُعَاوِيَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلم ينْتَه فخشي أَن يضرّهُ النَّاس فِي هَذَا، فَكتب يشكوه إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان، وَأَن يأخذوه إِلَيْهِ، فاستقدمه عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى الْمَدِينَة وأنزله بالربذة وَحده، وَبهَا مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: {وَالَّذين يكنزون} (التَّوْبَة: ٤٣) . قَالَ ابْن سَيّده: الْكَنْز اسْم لِلْمَالِ، وَلما يحرز فِيهِ، وَجمعه: كنوز، كنزه يكنزه كنزا واكتنزه، وكنز الشَّيْء فِي الْوِعَاء أَو الأَرْض يكنزه كنزا: غمزه فِي يَده. وَفِي (المغيث) : الْكَنْز اسْم لِلْمَالِ المدفون. وَقيل: هُوَ الَّذِي لَا يدرى من كنزه، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: هُوَ كل شَيْء مَجْمُوع بعضه إِلَى بعض فِي بطن الأَرْض كَانَ أَو ظهرهَا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: أَصله الضَّم وَالْجمع وَلَا يخْتَص ذَلِك بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، أَلا يرى إِلَى قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَلا أخْبركُم بِخَير مَا يكنزه الْمَرْء؟ الْمَرْأَة الصَّالِحَة) . أَي: يضمه لنَفسِهِ ويجمعه، وَاعْلَم أَن الْكَنْز

<<  <  ج: ص:  >  >>