للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا معشر الْأَنْصَار إيَّاكُمْ يُرِيد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ لَا نقُول لَهُ كَمَا قَالَ بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: {إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} (الْمَائِدَة: ٢٤) . وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لَو ضربت أكبادها إِلَى برك الغماد لاتبعناك {وَرَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا، وروى أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن طَارق بن شهَاب: أَن الْمِقْدَاد قَالَ لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر: يَا رَسُول الله} إِنَّا لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: {إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} (الْمَائِدَة ٢٤) . وَلَكِن إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ. قَوْله: (أشرق وَجهه) ، من الْإِشْرَاق، أَي: استنار. قَوْله: (وسره) يَعْنِي قَوْله، أَي: سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَول الْمِقْدَاد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

٣٩٥٣ - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ حَوْشَبٍ حدَّثَنا عبْدُ الوَهَّابِ حدَّثنا خَالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ بَدْرٍ أللَّهُمَّ أنْشُدُكَ عَهْدَكَ ووَعْدَكَ أللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ فأخَذَ أبُو بَكْر بِيَدِهِ فَقال حَسْبُكَ فخَرَجَ وهْوَ يَقُولُ {سيُهْزَمُ الْجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: ٤٥) .

قد مر وَجه ذكره، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وخَالِد هُوَ الْحذاء، والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب مَا قيل فِي درع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب عَن خَالِد ... إِلَى آخِره.

قَوْله: (أنْشدك) بِضَم الشين أَي: أطلب مِنْك الْوَفَاء بِمَا عهِدت ووعدت من الْغَلَبَة على الْكفَّار والنصر للرسول وَإِظْهَار الدّين. قَوْله: (إِن شِئْت لم تعبد) ، أَي: إِن شِئْت لَا تعبد بعد هَذَا. فبوم لسلطون على الْمُؤمنِينَ، وَفِي حَدِيث عمر: أللهم إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة من أهل الْإِسْلَام لَا تعبد فِي الأَرْض. قَوْله: (حَسبك) أَي: يَكْفِيك من القَوْل فَاتْرُكْهُ، وَقَالَ الْخطابِيّ لَا يتَوَهَّم أَن أَبَا بكر كَانَ أوثق بوعد ربه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي تِلْكَ الْحَالة، لِأَنَّهُ لَا يجوز ذَلِك قطعا، بل كَانَ الْحَامِل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على ذَلِك الشَّفَقَة على أَصْحَابه وتقويتهم، إِذْ كَانَ ذَلِك أول مشْهد شهدوه من لِقَاء الْعَدو، فابتهل فِي الدُّعَاء ليسكنهم إِذْ كَانُوا يعلمُونَ أَن وسيلته مَقْبُولَة ودعاءه مستجاب، فَلَمَّا قَالَ لَهُ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مقَالَته كف عَن الدُّعَاء إِذْ علم أَنه أستجيب دعاؤه بِمَا وجده أَبُو بكر فِي نَفسه من الْقُوَّة والطمأنينة حَتَّى قَالَ لَهُ ذَلِك القَوْل، وَلِهَذَا قَالَ بعده: {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} (الْقَمَر: ٤٥) . فَإِن قلت: هَل وَقع مثل هَذَا فِي يَوْم غير يَوْم بدر؟ قلت: روى أَبُو نعيم من حَدِيث أنس أَنه قَالَ يَوْم أحد: أللهم إِنَّك إِن تشأ لَا تعبد فِي الأَرْض، وَالله أعلم.

٥ - (بابٌ)

قد مر غير مرّة أَن لفظ: بَاب، إِذا وَقع مُجَردا يكون كالفصل لما قبله وَهَذَا هَكَذَا وَقع بِغَيْر تَرْجَمَة عِنْد الْجَمِيع، وَوَقع فِي نُسْخَة صَاحب (التَّوْضِيح) : بَاب فضل من شهد بَدْرًا، وَهَذَا غير صَوَاب، لِأَن هَذِه التَّرْجَمَة بِعَينهَا ستأتي فِيمَا بعد، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

٣٩٥٤ - حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى أخبرَنَا هِشَامٌ أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ أخْبرَهُمْ قَالَ أخبرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ أنَّهُ سَمِعَ مِقْسَماً مَوْلَى عَبْدِ الله بنِ الحَارِثِ يُحَدَّثُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّهُ سَمِعَهُ يقُولُ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ عنْ بَدْرٍ والْخَارِجُونَ إلاى بَدْرٍ. (الحَدِيث ٣٩٥٤ طرفه فِي: ٤٥٩٥) .

مطابقته لما قبله من حَيْثُ إِن فِيهِ بَيَان أَنه: لَا مُسَاوَاة بَين من حضر غَزْوَة بدر وَبَين من غَابَ عَنْهَا، وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى هُوَ أَبُو إِسْحَاق الْفراء الْمَعْرُوف بالصغير، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج. وَعبد الْكَرِيم هُوَ ابْن مَالك الْجَزرِي أَبُو أُميَّة، مقسم بِكَسْر الْمِيم أَبُو الْقَاسِم مولى ابْن عَبَّاس، وَهُوَ فِي الأَصْل مولى عبد الله ابْن الْحَارِث الْهَاشِمِي، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: مولى ابْن عَبَّاس، لشدَّة ملازمته لَهُ، وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.

والْحَدِيث

<<  <  ج: ص:  >  >>