للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد، وَقيل: خَمْسَة عشر يَوْمًا، كَمَا ذكر فِي (كتاب الْمعَانِي) للفراء، وَقيل: خَمْسَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَعَن ابْن جريج: اثْنَي عشر يَوْمًا.

٥٢١١ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنِ الأسْوَدِ بنِ قَيْسٍ عنْ جُنْدَبِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَالَ احْتَبَسَ جِبْرِيلُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ امْرَأةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أبْطأَ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ فَنَزَلَتْ وَالضُّحَى واللَّيْلِ إذَا سَجى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى..

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن هَذَا من تَتِمَّة الحَدِيث السَّابِق، وَيدْفَع بِهَذَا مَا قَالَه ابْن التِّين: ذكر احتباس جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي هَذَا الْبَاب لَيْسَ فِي مَوْضِعه، وَذَلِكَ لِأَن الحَدِيث وَاحِد لِاتِّحَاد مخرجه، وَإِن كَانَ السَّبَب مُخْتَلفا، وسُفْيَان فِيهِ هُوَ الثَّوْريّ، كَمَا فِي الحَدِيث الأول، وَقد ذكرنَا أَن فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة مُسلم، وَلَا يضر هَذَا لِأَن الظَّاهِر أَن الْأسود حدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، فَحمل عَنهُ كل وَاحِد مَا لم يحملهُ الآخر، وَحمل عَنهُ الثَّوْريّ الْأَمريْنِ، فَحدث بِهِ مرّة كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث الأول، وَمرَّة كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث.

قَوْله: (شَيْطَانه) ، بِرَفْع النُّون لِأَنَّهُ فَاعل: أَبْطَأَ. قَوْله: (فَنزلت وَالضُّحَى) أَي: نزلت سُورَة وَالضُّحَى إِلَى آخرهَا، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) و {الضُّحَى} قيل: أَرَادَ النَّهَار كُله، وَدَلِيله قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّيْل إِذا سجى} (الضُّحَى: ٢) . فقابله بِاللَّيْلِ، وَقَالَ قَتَادَة وَمُقَاتِل: أَرَادَ وَقت الضُّحَى، وَهُوَ صدر النَّهَار حِين ترْتَفع الشَّمْس، ويعتدل النَّهَار من الْحر وَالْبرد فِي الشتَاء والصيف، وَقيل: هِيَ السَّاعَة الَّتِي كلم الله تَعَالَى فِيهَا مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، والساعة الَّتِي ألْقى فِيهَا السَّحَرَة سجدا بَيَانه {وان يحْشر النَّاس ضحى} (طه: ٩٥) . وَقيل فِيهِ وَفِي أَمْثَاله إِضْمَار: رب، أَي: وَرب الضُّحَى. قَوْله: (وَاللَّيْل إِذا سجى) أَي: أقبل بظلامه، وَقَالَ الضَّحَّاك: غطى كل شَيْء، وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: سكن بالخلق وَاسْتقر ظلامه، يُقَال: ليل سَاج وبحر سَاج إِذا كَانَ سَاكِنا. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: أولى اوقوال عِنْدِي هَذَا، وَقَالَ الراجز:

(يَا حبذا القمراء وَاللَّيْل الساج ... وطرق مثل ملاء النساج)

وَعَن الْحسن: سجى جَاءَ، وَعَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: سجى بِمَعْنى ذهب. قَوْله: (مَا وَدعك) جَوَاب الْقسم أَي: مَا قَطعك رَبك قطع الْمُودع، وَقَالَ ابْن التِّين: معنى التَّشْدِيد مَا هُوَ آخر عَهْدك بِالْوَحْي، وَمعنى التَّخْفِيف مَا تَركك، وَالْمعْنَى وَاحِد. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: خبر أبي نعيم عَن سُفْيَان وَجه الْقِرَاءَة فِيهِ بِالتَّخْفِيفِ، وَوجه الْقِرَاءَة فِي رِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان: وَدعك بِالتَّشْدِيدِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: التوديع مُبَالغَة فِي الودع، لِأَن من وَدعك مفارقا فقد بَالغ فِي تَركك. قلت: قِرَاءَة التَّخْفِيف شَاذَّة، وَالْعرب أماتوا ماضي: يدع، ويورد قِرَاءَة التَّخْفِيف وَيُجَاب بالشذوذ. قَوْله: (وَمَا قلى) أَي: وَمَا قلاك، أَي: وَمَا بغضك من: القلى، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف اللَّام وَهُوَ: البغض. فَإِن فتحت الْقَاف مددت تَقول: قلاه يقليه قلى وقلاء ويقلاه، لُغَة طي، وتقلى أَي: تبغض، وَإِنَّمَا حذف الْمَفْعُول حَيْثُ لم يقل: وَمَا قلاك، رِعَايَة للفواصل.

٥ - (بابُ تَحْرِيضِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ والنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تحريض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمته أَو الْمُؤمنِينَ على قيام اللَّيْل، أَي: على صَلَاة اللَّيْل، وَكَذَا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة على صَلَاة اللَّيْل، وَهَذَا الْبَاب يشْتَمل على أَرْبَعَة أَحَادِيث: الأول: لأم سَلمَة. وَالثَّانِي: لعَلي بن أبي طَالب. وَالثَّالِث وَالرَّابِع: لأم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، قيل: اشْتَمَلت التَّرْجَمَة على أَمريْن: التحريض وَنفي الْإِيجَاب، فَحَدِيث أم سَلمَة وَعلي للْأولِ، وحديثا عَائِشَة للثَّانِي، وَقَالَ بَعضهم: بل يُؤْخَذ من الْأَحَادِيث الْأَرْبَعَة نفي الْإِيجَاب، وَيُؤْخَذ التحريض من حَدِيث عَائِشَة من قَوْلهَا: (كَانَ يدع الْعَمَل وَهُوَ يُحِبهُ) ، لِأَن كل شَيْء أحبه استلزم التحريض عَلَيْهِ لَوْلَا مَا عَارضه من خشيَة الإفتراض. انْتهى. قلت: لَا نسلم أَن حَدِيث أم سَلمَة يدل على نفي الْإِيجَاب، بل ظَاهره يُوهم الْإِيجَاب على مَا لَا يخفى على المتأمل، وَلكنه سَاكِت عَنهُ، وَظَاهره التحريض، وَلَا نسلم أَيْضا استلزام التحريض فِي شَيْء أحبه، وَكَذَلِكَ ظَاهر حَدِيث عَليّ يُوهم الْإِيجَاب بِدَلِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ولي: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلا} (الْكَهْف: ٤٥) . وَلَكِن ظَاهره التحريض. قَوْله: (والنوافل) جمع نَافِلَة عطف

<<  <  ج: ص:  >  >>