رَبِّي بك وضعت جَنْبي. قَوْله: (إِن أَمْسَكت نَفسِي فارحمها) الْإِمْسَاك كِنَايَة عَن الْمَوْت فَلذَلِك قَالَ: فارحمها، لِأَن الرَّحْمَة تناسبه، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: فَاغْفِر لَهَا. قَوْله: (وَإِن أرسلتها) من الْإِرْسَال وَهُوَ كِنَايَة عَن الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا، وَذكر الْحِفْظ يُنَاسِبه. قَوْله: (بِمَا تحفظ بِهِ) قَالَ الطَّيِّبِيّ: الْبَاء فِيهِ مثل الْبَاء فِي قَوْلك: كتبت بالقلم وَكلمَة: مَا مُبْهمَة وبيانها مَا دلّت عَلَيْهِ صلتها.
تابَعَهُ أبُو ضَمْرَةَ وإسْماعِيلُ بنُ زَكَرِيَّاءَ عنْ عُبَيْدِ الله
أَي: تَابع زُهَيْر بن مُعَاوِيَة أَبُو ضَمرَة أنس بن عِيَاض فِي إِدْخَال الْوَاسِطَة بَين سعيد المَقْبُري وَبَين أبي هُرَيْرَة. قَوْله: (وَإِسْمَاعِيل) أَي: تَابع زهيراً أَيْضا إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء أَبُو زِيَاد الخلقاني الْكُوفِي، كِلَاهُمَا فِي روايتهما عَن عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أما مُتَابعَة أبي ضَمرَة فرواها مُسلم: عَن أبي إِسْحَاق بن مُوسَى أخبرنَا أنس بن عِيَاض هُوَ أَبُو ضَمرَة أخبرنَا عبيد الله فَذكره، وَأما مُتَابعَة إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا فرواها الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي (مُسْنده) عَن يُونُس بن مُحَمَّد عَنهُ.
وَقَالَ يَحْياى وبِشْرٌ: عنْ عُبَيْدِ الله عنْ سَعِيدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن الْمفضل بِضَم الْمِيم وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة، وَعبيد الله هُوَ الْعمريّ الْمَذْكُور، أَرَادَ أَن كليهمَا رويا عَن عبيد الله عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة بِدُونِ الْوَاسِطَة بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة، أما رِوَايَة يحيى فرواها النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن عَليّ وَابْن مثنى، وَأما رِوَايَة بشر فأخرجها مُسَدّد فِي (مُسْنده) عَنهُ.
ورَواهُ مالِكٌ وابنُ عَجْلانَ عنْ سَعِيدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: وروى الحَدِيث الْمَذْكُور مَالك بن أنس وَمُحَمّد بن عجلَان الْفَقِيه الْمدنِي، أَرَادَ أَنَّهُمَا روياه أَيْضا عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة بِلَا وَاسِطَة الْأَب. فَإِن قلت: قَالَ هُنَا: رَوَاهُ مَالك، وَقَالَ قبله: قَالَ يحيى؟ قلت: الرِّوَايَة تسْتَعْمل عِنْد التَّحَمُّل وَالْقَوْل عِنْد المذاكرة، أما رِوَايَة مَالك فوصلها البُخَارِيّ فِي كتاب التَّوْحِيد عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي عَنهُ، وَأما رِوَايَة ابْن عجلَان فوصلها أَحْمد عَنهُ وَوَصلهَا أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء من طَرِيق عَنهُ، وَقد طول الشُّرَّاح فِي هَذَا الْموضع كلَاما من غير تَرْتِيب بِحَيْثُ إِن النَّاظر فِيهِ يتشوش ذهنه وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مبتدئاً، وَحط بَعضهم على بعض بِغَيْر مُرَاعَاة الْأَدَب.
١٤ - (بَاب الدُّعاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الدُّعَاء فِي نصف اللَّيْل إِلَى طُلُوع الْفجْر، وَقَالَ ابْن بطال: هُوَ وَقت شرِيف خصّه الله عز وَجل بالتنزل فِيهِ فيتفضل على عباده بإجابة دُعَائِهِمْ وَإِعْطَاء سُؤَالهمْ فِيهِ وغفران ذنوبهم، وَهُوَ وَقت غَفلَة وخلوة واستغراق فِي النّوم واستلذاذ لَهُ، ومفارقة اللَّذَّة والدعة صَعب لَا سِيمَا على أهل الرَّفَاهِيَة، وَفِي زمن الْبرد، وَكَذَا أهل التَّعَب مَعَ قصر اللَّيْل، فالسعيد من يغتنم هَذَا، والموفق هُوَ الله عز وَجل.
٦٣٢١ - حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي عَبْدِ الله الأغَرِّ وَأبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَتَنَزَّلُ رَبُّنا تَبارَكَ وَتَعَالَى كلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ لَهُ. (انْظُر الحَدِيث ١١٤٥ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عبد الله الْأَغَر بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء واسْمه سلمَان الْجُهَنِيّ الْمدنِي.
والْحَدِيث