مَعَ قصَّته فِي الْمَغَازِي وَاعْترض الدَّاودِيّ فَقَالَ قَول ابْن عَبَّاس:(نزلت فِي عبد الله بن حذافة) وهم من غَيره لِأَن فِيهِ حمل الشَّيْء على ضِدّه لِأَن الَّذِي هُنَا خلاف مَا قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُنَاكَ، وَهُوَ قَوْله إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف، وَكَانَ قد خرج على جَيش فَغَضب وَلَو قدنا نَارا. وَقَالَ: اقتحمونا فَامْتنعَ بَعضهم وهمَّ بعض أَن يفعل. قَالَ: فَإِن كَانَت الْآيَة نزلت قبل فَكيف يخْتَص عبد الله بن حذافة بِالطَّاعَةِ دون غَيره؟ وَإِن كَانَت نزلت بعد فَإِنَّمَا قيل لَهُم: إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف، وَمَا قيل لَهُم لمَ لَمْ تطيعوه؟ وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن المُرَاد من قصَّة عبد الله بن حذافة قَوْله تَعَالَى:{فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} وَذَلِكَ لِأَن السّريَّة الَّتِي عَلَيْهَا عبد الله بن حذافة لما تنازعوا فِي امْتِثَال أَمرهم بِهِ من دُخُول النَّار وَتَركه كَانَ عَلَيْهِم أَن يردوه فِي ذَلِك إِلَى الله وَرَسُوله لقَوْله تَعَالَى: {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء} أَي: فِي جَوَاز شَيْء وَعَدَمه. (فَردُّوهُ إِلَى الله وَرَسُوله) أَي: فَارْجِعُوا إِلَى الْكتاب وَالسّنة، قَالَه مُجَاهِد وَغَيره من السّلف، وَهَذَا أَمر من الله عز وَجل بِأَن كل شَيْء تنَازع النَّاس فِيهِ من أصُول الدّين وفروعه أَن يردوا الْمُتَنَازع فِي ذَلِك إِلَى الْكتاب وَالسّنة. كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَمَا اختلفتم فِيهِ من شَيْء فَحكمه إِلَى الله}(الشورى: ١٠) فَمَا حكم بِهِ كتاب الله وَسنة رَسُول وَشهد لَهُ بِالصِّحَّةِ فَهُوَ الْحق فَمَاذَا بعد الْحق إلَاّ الضلال؟ .