للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُبِيح ذَلِك بِحَدِيث الْخَشَبَة، لِأَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخبر أَنه أَخذهَا حطباً لأَهله وَلم يَأْخُذهَا ليعرفها، وَلم يقل أَنه فعل مَا لَا يَنْبَغِي.

وَفِي (الْهِدَايَة) : وَإِن كَانَت اللّقطَة مِمَّا يعلم أَن صَاحبهَا لَا يتطلبها: كالنواة وقشور الرُّمَّان فإلقاؤه إِبَاحَة أَخذه فَيجوز الِانْتِفَاع بِهِ من غير تَعْرِيف، وَلكنه يبْقى على ملك مَالِكه، لِأَن التَّمْلِيك من الْمَجْهُول لَا يَصح، وَقَالَ ابْن رشد الأَصْل فِي ذَلِك مَا رُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بتمرة فِي الطَّرِيق، (فَقَالَ: لَوْلَا أَن تكون من الصَّدَقَة لأكلتها) ، وَلم يذكر فِيهَا تعريفاً، وَهَذَا مثل الْعَصَا وَالسَّوْط، وَإِن كَانَ أَشهب قد اسْتحْسنَ تَعْرِيف ذَلِك، فَإِن كَانَ يَسِيرا، إلَاّ أَن لَهُ قدرا وَمَنْفَعَة فَلَا خلاف فِي تَعْرِيفه سنة، وَقيل: أَيَّامًا وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يبقي فِي يَد ملتقطه ويخشى عَلَيْهِ التّلف، فَإِن هَذَا يَأْكُلهُ الْمُلْتَقط فَقِيرا كَانَ أَو غَنِيا، وَهل يضمن؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَشْهر أَن لَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ مِمَّا يسْرع إِلَيْهِ الْفساد فِي الْحَاضِرَة، فَقيل: لَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَقيل: عَلَيْهِ الضَّمَان، وَقيل: بِالْفرقِ أَن يتَصَدَّق بِهِ أَو يَأْكُلهُ، أَعنِي: إِنَّه يضمن فِي الْأكل وَلَا يضمن فِي الصَّدَقَة، وَفِي (الْوَاقِعَات) : الْمُخْتَار فِي القشود والنواة يملكهَا، وَفِي الصَّيْد لَا يملكهُ، وَإِن جمع سنبلاً بعد الْحَصاد فَهُوَ لَهُ لإِجْمَاع النَّاس على ذَلِك، وَإِن سلخ شَاة ميتَة فَهُوَ لَهُ ولصاحبها أَن يَأْخُذهَا مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الحكم فِي صوفها.

٠٣٤٢ - وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني جَعْفَرُ بنُ رَبِيعَةَ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ بنِ هُرْمُزَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وساقَ الْحَدِيثَ فَخَرَجَ يَنْطُر لعَلَّ مَرْكباً قَدْ جاءَ بِمَالِه فإذَا هُوَ بالْخَشَبَةِ فأخَذَها لَأَهْلِهِ حَطَباً فلَمَّا نَشرَهَا وجَدَ الْمَالَ والصَّحِيفَةَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِذا هُوَ بالخشبة فَأَخذهَا) ، وَقيل: لَيْسَ فِي الْبَاب ذكر السَّوْط. وَأجِيب: بِأَنَّهُ استنبطه بطرِيق الْإِلْحَاق. وَقيل: كَأَنَّهُ فَاتَهُ عَنهُ، وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ بِالسَّوْطِ إِلَى أثر يَأْتِي بعد أَبْوَاب فِي حَدِيث أبي بن كَعْب، أَو أَشَارَ إِلَى مَا أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث جَابر، قَالَ: رخص لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَصَا وَالسَّوْط وَالْحَبل، وأشباهه، يلتقطه الرجل ينْتَفع بِهِ. انْتهى. قلت: لَو أَشَارَ بِالسَّوْطِ إِلَى أثر يَأْتِي ... إِلَى آخِره، على مَا قَالَه هَذَا الْقَائِل، كَانَ الأصوب أَن يذكر السَّوْط هُنَاكَ، وَذكره هُنَا وإشارته إِلَى هُنَاكَ فِيهِ مَا فِيهِ، وَقَوله: أَو أَشَارَ إِلَى مَا أخرجه أَبُو دَاوُد ... إِلَى آخِره، لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ كثيرا مَا يذكر تَرْجَمَة مُشْتَمِلَة على شَيْئَيْنِ أَو أَكثر، وَلَا يذكر لبعضها حَدِيثا أَو أثرا، فيجاب عَنهُ بِأَنَّهُ ذكره على أَن يجد شَيْئا صَحِيحا فيذكره، وَلَكِن لم يجده فَسكت عَنهُ، وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد ضَعِيف، وَاخْتلف فِي رَفعه وَوَقفه، فَكيف يرضى بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ؟ وَقد مضى الحَدِيث بِتَمَامِهِ فِي الْكفَالَة، وَقد ذكره هُنَا أَيْضا تَعْلِيقا عَن اللَّيْث، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله: (وجد المَال) أَي: الَّذِي بَعثه الْمُسْتَقْرض إِلَيْهِ، والصحيفة الَّتِي كتبهَا الْمُسْتَقْرض إِلَيْهِ يذكر فِيهَا بعث مَال الْقَرَاض.

٦ - (بابٌ إذَا وجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: إِذا وجد شخص تَمْرَة فِي الطَّرِيق، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره يجوز لَهُ أَخذهَا وأكلها وَذكر التمرة لَيْسَ بِقَيْد وَكَذَا كل مَا كَانَ نَحْوهَا من المحقرات.

١٣٤٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عنْ مَنْصورٍ عنْ طَلْحَةَ عنْ أنَس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مَرَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَمْرَةٍ فِي الطَّريِقِ قَالَ لَوْلَا أنِّي أخافُ أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأكَلْتُها. (انْظُر الحَدِيث ٥٥٠٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن يُوسُف بن وَاقد أَبُو عبد الله الْفرْيَابِيّ، قَالَه أَبُو نعيم وَغَيره، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَطَلْحَة هُوَ ابْن مصرف على وزن اسْم فَاعل من التصريف.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع فِي: بَاب مَا يتنزه من الشُّبُهَات عَن قبيصَة عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن طَلْحَة عَن أنس إِلَى آخِره. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَفِيه: جَوَاز أكل مَا يُوجد من المحقرات ملقى فِي الطرقات لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر أَنه لم يتمنع من أكلهَا إلَاّ تورعاً لخشيته أَن تكون من الصَّدَقَة الَّتِي حرمت عَلَيْهِ، لَا لكَونهَا مرمية فِي الطَّرِيق. وَفِيه: حُرْمَة الصَّدَقَة على الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والاحتراز عَن الشُّبْهَة. وَقيل: هَذَا أَشد مَا رُوِيَ فِي الشُّبُهَات. وَفِيه: إِبَاحَة الشَّيْء التافه بِدُونِ التَّعْرِيف، وَأَنه خَارج عَن حكم اللّقطَة لِأَن صَاحبه لَا يَطْلُبهُ وَلَا يتشاح فِيهِ، وَقد

<<  <  ج: ص:  >  >>