مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (محقت بركَة بيعهمَا) ، والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب إِذا بَين البيعان وَلم يكتما وَنصحا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة، وَهَهُنَا بدل بن المحبر عَن شُعْبَة والتكرار لأجل التَّرْجَمَة وتعدد الَّذِي يروي عَنهُ، وَبدل، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة: بن المحبر، بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَفِي آخِره رَاء: ابْن مُنَبّه الْيَرْبُوعي الْبَصْرِيّ الوَاسِطِيّ.
٣٢ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تأكُلُوا الرِّبَا أضْعَافا مُضاعفَةً واتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمرَان: ٠٣١) .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان النَّهْي عَن الرِّبَا، خَاطب الله تَعَالَى عباده فِي هَذِه الْآيَة ناهيا عَن تعَاطِي الرِّبَا وَأكله أضعافا مضاعفة، كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا حل أجل الدّين إِمَّا أَن يقْضى وَإِمَّا أَن يربى، فَإِن قَضَاهُ وإلَاّ زَاده فِي الْمدَّة وزاده الآخر فِي الْقدر، وَهَكَذَا فِي كل عَام، فَرُبمَا يُضَاعف الْقَلِيل حَتَّى يصير كثيرا مضاعفا، وَأمر عباده بالتقوى لَعَلَّهُم يفلحون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، ثمَّ توعدهم بالنَّار وحذرهم مِنْهَا فَقَالَ: {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدت للْكَافِرِينَ} (آل عمرَان: ١٣١) .
٣٨٠٢ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حَدثنَا ابْنُ أبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدثنَا سعيِدٌ المَقْبُرِيُّ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيَأتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ لَا يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أخذَ المَالَ أمِنَ حَلَالٍ أمْ مِنْ حَرَامٍ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة الَّتِي فِي مَوضِع التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن آكل الرِّبَا لَا يُبَالِي من أكله الْأَضْعَاف المضاعفة، هَل هِيَ من الْحَلَال أم من الْحَرَام؟ وَهَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه إِسْنَادًا ومتنا قد ذكره فِي: بَاب من لم يبال من حَيْثُ كسب المَال، غير أَن فِي الْمَتْن بعض تفَاوت يسير يعلم بِالنّظرِ فِيهِ، وَهَذَا بعيد من عَادَة البُخَارِيّ، وَلَا سِيمَا قريب الْعَهْد مِنْهُ على أَن فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ لَيْسَ فِي الْبَاب سوى هَذِه الْآيَة. وَقَالَ بَعضهم: وَلَعَلَّ البُخَارِيّ أَشَارَ بالترجمة إِلَى مَا أخرجه النَّسَائِيّ من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (يَأْتِي على النَّاس زمَان يَأْكُلُون الرِّبَا، فَمن لم يَأْكُلهُ أَصَابَهُ غباره) ، قلت: سُبْحَانَ الله! هَذَا عَجِيب. والترجمة هِيَ الْآيَة، فَكيف يُشِير بهَا إِلَى حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَالْآيَة فِي النَّهْي عَن أكل الرِّبَا، وَالْأَمر بالتقوى، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة يخبر عَن فَسَاد الزَّمَان الَّذِي يُؤْكَل فِيهِ الرِّبَا؟ قَوْله: (بِمَا أَخذ) ، الْقيَاس حذف الْألف من كلمة: مَا، الاستفهامية إِذا دخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ، وَلَكِن مَا حذف هُنَا لوُجُود عدم الْحَذف فِي كَلَام الْعَرَب على وَجه الْقلَّة.
٤٢ - (بابُ آكِلِ الرِّبا وشَاهِدِهِ وكاتِبِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم آكل الرِّبَا، والربا اسْم مَقْصُور، وَحكي مده وَهُوَ شَاذ، وَالْأَصْل فِيهِ الزِّيَادَة، من رَبًّا المَال يَرْبُو ربوا إِذا زَاد، فَيكْتب بِالْألف، وَلَكِن وَقع فِي خطّ الْمُصحف بِالْوَاو على لُغَة من يفخم، وَعَن الثَّعْلَبِيّ: كتبوه فِي الْمُصحف بِالْوَاو، وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ كتبه بِالْيَاءِ بِسَبَب كسرة أَوله، وغلطهم البصريون فِي ذَلِك، وَقَالَ الْفراء: إِنَّمَا كتبوه بِالْوَاو لِأَن أهل الْحجاز تعلمُوا الْخط من أهل الْحيرَة ولغتهم الربو بمضموم، وَصُورَة الْخط على لغتهم، وَزعم أَبُو الْحسن طَاهِر ابْن غليون أَن أَبَا السماك قَرَأَ: الربو، بِفَتْح الرَّاء وَضم الْبَاء وَيجْعَل مَعهَا واوا. وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: قَرَأَهُ أَبُو السماك وَأَبُو السوار بِكَسْر الرَّاء وَضم الْبَاء وواو سَاكِنة وَقِرَاءَة الْحسن بِالْمدِّ والهمزة وَقِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بالإمالة وَقِرَاءَة البَاقِينَ بالتفخيم وَفِي (شرح الْمُهَذّب) انت بِالْخِيَارِ وَفِي كتبه بِالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء والرماء بِالْمدِّ وَالْمِيم
بِالضَّمِّ، والربية بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف لُغَة فِيهِ، وَهُوَ فِي الشَّرْع: الزِّيَادَة على أصل المَال من غير عقد تبَايع، قَالَه ابْن الْأَثِير: وَقَالَ أَصْحَابنَا: الرِّبَا فضل مَال بِلَا عوض فِي مُعَاوضَة مَال بِمَال كَمَا إِذا بَاعَ عشرَة دَرَاهِم بِأحد عشر درهما، فَإِن الدِّرْهَم، فِيهِ فضل، وَلَيْسَ فِي مُقَابِله شَيْء، وَهُوَ عين الرِّبَا، قَوْله: (وَشَاهده) أَي: وَفِي حكم شَاهده أَو فِي إِثْم شَاهده، وإثم كَاتبه وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (وشاهديه) ، بالتثنية.
وقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute