للْجُمُعَة ثمَّ بِالصَّلَاةِ ثمَّ يَنْصَرِفُونَ فيقيلون ويتغدون، فَتكون قائلتهم وغداؤهم بعد الْجُمُعَة عوضا عَمَّا فاتهم فِي وقته من أجل بكورهم، وعَلى هَذَا التَّأْوِيل جُمْهُور الْأَئِمَّة وَعَامة الْعلمَاء، وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب وَقت الْجُمُعَة إِذا زَالَت الشَّمْس.
٤١ - (بابُ القَائِلَةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم القائلة بعد صَلَاة الْجُمُعَة، والقائلة على وزن الفاعلة بِمَعْنى: القيلولة، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
٩٤٠ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُقْبَةَ الشِّيبَانِيُّ قَالَ حدَّثنا أبُو إسْحَاقَ الفَزَارِيُّ عنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أنسا يقُولُ كُنَّا نُبَكِّرُ إلَى الجُمُعَةِ ثُمَّ نَقِيلُ (انْظُر الحَدِيث ٩٠٥) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن ظَاهر الحَدِيث أَنهم كَانُوا يصلونَ الْجُمُعَة ثمَّ يقيلون.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد بن عقبَة أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ الْكُوفِي، أَخُو الْوَلِيد. الثَّانِي: أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الزَّاي وبالراء، المصِّيصِي بإهمال الصادين، مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة. الثَّالِث: حميد بِضَم الْحَاء: ابْن أبي حميد الطَّوِيل الْبَصْرِيّ. الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رُوَاته كُوفِي ومصيصي وبصري.
قَوْله: (نبكر) من التبكير وَهُوَ الْإِسْرَاع إِلَى الشَّيْء.
وَفِيه: نوم القائلة وَهُوَ مُسْتَحبّ، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} (النُّور: ٥٨) . أَي: من القائلة.
٩٤١ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا أبُو غسَّانَ قَالَ حدَّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلٍ. قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجُمُعَةَ ثُمَّ تَكُونُ القائِلَةُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف، وَقد مر فِي الْبَاب السَّابِق، وَكَذَلِكَ أَبُو حَازِم وَهُوَ: سَلمَة بن دِينَار. قَوْله: (ثمَّ تكون القائلة) أَي: تقع القيلولة، وَالْكَلَام فِيهِ قد مر عَن قريب مُسْتَوفى.
هَذَا آخر كتاب الْجُمُعَة
١٢ - (كتاب الْخَوْف)
١ - أبْوَابُ صَلَاةِ الخَوْفِ وقَوْلِ الله تَعَالَى: {وإذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أنْ يَفْتِنَكُمْ الذِينَ كَفَرُوا إنَّ الكَافِرينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوا مُبِينا وإذَا كُنْتَ فِيهِمْ فأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا أسْلِحَتَهُمْ فإذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأتِ طائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فلْيُصَلُّوا مَعَكَ ولْيَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وأسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفَلُونَ عنْ أسْلِحَتِكُمْ وَأمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً ولَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ كانَ بِكُم أذا مِنْ مَطَرٍ أوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أنْ تَضَعُوا أسْلِحَتَكُمْ وخُذُوا حِذْرَكُمْ إنَّ الله أعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابا مُهِينا} (النِّسَاء: ١٠١ و ١٠٢) [/ ح.
أَي: هَذِه أَبْوَاب فِي بَيَان حكم صَلَاة الْخَوْف، كَذَا وَقع لَفْظَة أَبْوَاب بِصِيغَة الْجمع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَأبي الْوَقْت، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة: بَاب، بِالْإِفْرَادِ، وَسقط فِي رِوَايَة البَاقِينَ. قَوْله: (وَقَول الله) بِالْجَرِّ، عطف على مَا قبله، وَثبتت الْآيَتَانِ بتمامهما إِلَى قَوْله: {عذَابا مهينا} فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ اقْتصر على قَوْله: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فيس عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} ثمَّ قَالَ: إِلَى قَوْله: {عذَابا مهينا} وَأما فِي رِوَايَة، أبي ذَر فساق الْآيَة الأولى بِتَمَامِهَا، وَمن الْآيَة الثَّانِيَة سَاق إِلَى قَوْله: {مَعَك} ثمَّ قالإلى قَوْله (عذبا مهينا) وَإِنَّمَا ذكر هَاتين الْآيَتَيْنِ الكريمتين فِي هَذِه التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى أَن صَلَاة الْخَوْف فِي هَيْئَة خَارِجَة عَن هيئات بَقِيَّة الصَّلَوَات، إِنَّمَا ثبتَتْ بِالْكتاب، وَأما بَيَان صورتهَا على اختلافها فبالسنة.