أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فأخذناه أخذا وبيلاً} (المزمل: ٦١) وَفسّر (وبيلاً) بقوله: (شَدِيدا) وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: وبيلاً أَي: شَدِيدا صعبا ثقيلاً وَمِنْه يُقَال: كلاء مستوبل، وَطَعَام مستوبل إِذا لم يسْتَمر أَو مِنْهُ الوبال.
٤٧ - (سُورَةُ {المُدَّثِّرِ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة المدثر، وَهِي مَكِّيَّة وَهِي ألف وَعشرَة أحرف، ومائتان وَخمْس وَخَمْسُونَ كلمة، وست وَخَمْسُونَ آيَة. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: {يَا أَيهَا المدثر} (المدثر: ١) أَي: فِي القطيفة وَالْجُمْهُور على أَنه المدثر بثيابه.
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلَاّ لأبي ذَر.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: عَسِيرٌ شَدِيدٌ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {فَذَلِك يَوْمئِذٍ عسيرا} (المدثر: ٩) وَفسّر بقوله: {شَدِيد} وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة.
قَسُوَرَةٌ: رَكْزُ النَّاسِ وأصْوَاتُهُمْ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ حمر مستنفرة فرت من قسورة} (المدثر: ٠٥، ١٥) وَفسّر القسورة بركز النَّاس وأصواتهم، وَصله سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: هُوَ ركز النَّاس وأصواتهم، قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي حسهم وأصواتهم.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ الأسَدُ وَكلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ وَقَسْوَرٌ
أَي: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: القسورة الْأسد، وروى عبد بن حميد من طَرِيق سعد عَن زيد بن أسلم. قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة إِذا قَرَأَ: {كَأَنَّهُمْ حمرَة مستنفرة فرت من قسورة} (المدثر: ٠٥، ١٥) قَالَ: القسورة الْأسد وَهَذَا مُنْقَطع بَين ابْن زيد وَأبي هُرَيْرَة. قَوْله: (وكل شَدِيد) مُبْتَدأ. وقسورة خَبره، وقسور عطف عَلَيْهِ من القسر وَهُوَ الْغَلَبَة، وَقيل: القسورة الرُّمَاة حُكيَ عَن مُجَاهِد وَعَن سعيد بن جُبَير: القسورة القناص ووزنها فعولة، وروى ابْن جرير من طَرِيق يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس: القسورة الْأسد بِالْعَرَبِيَّةِ، وبالفارسية: شير، وبالحبشية: القسورة وَلَفظ قسور من زِيَادَة النَّسَفِيّ رَحمَه الله.
مُسْتَنْفِرَةٌ: نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ حمر مستنفرة} وفسرها بقوله: {نافرة مَذْعُورَة} بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي: مخافقة وَقَرَأَ أهل الشَّام وَالْمَدينَة بِفَتْح الْفَاء وَالْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ.
٢٢٩٤ - حدَّثنا يَحْيَى حدَّثنا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بنِ أبِي كَثِيرٍ سألْت أبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ أوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ يَا أيُّها المُدَّثِّرُ قُلْتُ يَقُولُونَ اقْرَأْ بَاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فَقَالَ أبُو سَلَمَةَ سَألْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُمَا عَنْ ذالِكَ وَقُلْتُ لَهُ مِثْل الَّذِي قُلْتَ فَقَالَ جَابِرٌ لَا أُحَدِّثُكَ إلَاّ مَا حَدَّثنا رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جَاوَرْتُ بُحَرَاء فَلَمَّا قَضَيْتُ جَوَارِي هَبَطْتُ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينَي فَلَمْ أرَ شَيْئا وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِي فَلَمْ أرَ شَيْئا وَنَظَرْتُ أمَامِي فَلَمْ أرَ شَيْئا وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شَيْئا فَرَفَعْتُ رَأسِي فَرَأيْتُ شَيْئا فَأتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدا فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدا قَالَ فَنَزَلَتْ: {يَا أيُّها المُدَّثِّرُ قُمْ فَأنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَفِيه بَيَان سَبَب النُّزُول. وَيحيى هُوَ ابْن مُوسَى الْبَلْخِي أَو يحيى بن جَعْفَر، وَقد مضى جُزْء مِنْهُ فِي أول الْكتاب فِي بَدْء الْوَحْي، قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن جَابر بن عبد الله الحَدِيث.
قَوْله: (جَاوَرت