وإيقافه على مَا لَا يعلم من السّنة. وَفِيه: صياح الْعَالم عِنْدَمَا كَانَ السُّلْطَان فِيهِ ليسرع إِلَيْهِ فِي الْإِجَابَة. وَفِيه: أَن السُّلْطَان أَو نَائِبه يعْمل فِي الدّين بقول أهل الْعلم وَيرجع إِلَى قَوْلهم. وَفِيه: تَعْلِيم الْفَاجِر السّنَن لمَنْفَعَة النَّاس. وَفِيه: احْتِمَال الْمفْسدَة القليلة لتَحْصِيل الْمصلحَة الْكَبِيرَة، يُؤْخَذ ذَلِك من مُضِيّ ابْن عمر إِلَى الْحجَّاج وتعليمه. وَفِيه: الْحِرْص على نشر الْعلم لانتفاع النَّاس بِهِ. وَفِيه: الْخطْبَة فَعِنْدَ أبي حنيفَة، يخْطب خطبتين بعد الزَّوَال وَبعد الْأَذَان قبل الصَّلَاة كخطبة الْجُمُعَة، وَلَو خطب قبل الزَّوَال جَازَ، وَعند أَصْحَابنَا فِي الْحَج ثَلَاث خطب: أَولهَا: فِي الْيَوْم السَّابِع من ذِي الْحجَّة، وَهُوَ قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم، يعلم النَّاس فِيهَا الْخُرُوج إِلَى منى. وَالثَّانيَِة: يَوْم عَرَفَة، وَهُوَ التَّاسِع من الشَّهْر يعلم النَّاس فِيهَا مَا يجب من الْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة وَرمي الْجمار والنحر وَطواف الزِّيَارَة. وَالثَّالِثَة: بمنى بعد يَوْم النَّحْر، وَهُوَ الْحَادِي عشر من الشَّهْر، يحمد الله ويشكره على مَا وفْق من قَضَاء مَنَاسِك الْحَج، ويحض النَّاس على الطَّاعَات، ويحذرهم عَن اكْتِسَاب الْخَطَايَا، فيفصل بَين كل خطبتين بِيَوْم. وَقَالَ زفر: يخطبها فِي ثَلَاثَة أَيَّام مُتَوَالِيَات: يَوْم التَّرويَة، وَيَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر. وَعند الشَّافِعِي: فِي الْحَج أَربع خطب مسنونة: إِحْدَاهَا بِمَكَّة يَوْم السَّابِع، وَالثَّانيَِة: يَوْم عَرَفَة وَالثَّالِثَة: يَوْم النَّحْر بمنى، وَالرَّابِعَة: يَوْم النفرالأول بمنى، وَعند مَالك: ثَلَاث خطب، الأولى: يَوْم السَّابِع بِمَكَّة بعد الظّهْر خطْبَة وَاحِدَة وَلَا يجلس فِيهَا. الثَّانِيَة: بِعَرَفَات بعد الزَّوَال بجلسة فِي وَسطهَا. وَالثَّالِثَة: فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر. وَعند أَحْمد كَذَلِك ثَلَاث خطب، وَلَا خطْبَة فِي الْيَوْم السَّابِع بِمَكَّة، بل يخْطب بِعَرَفَات بعد الزَّوَال، ثمَّ يخْطب بمنى يَوْم النَّحْر فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ، ثمَّ كَذَلِك ثَانِي أَيَّام منى بعد الظّهْر. وَقَالَ ابْن حزم: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحَد ثَانِي يَوْم النَّحْر، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا وَهُوَ يَوْم النَّفر وَفِيه حَدِيث فِي (سنَن أبي دَاوُد) وَآخر فِي (مُسْند أَحْمد) وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ ابْن حزم: وَقد روى أَيْضا أَنه خطبهم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهُوَ يَوْم الأكارع، وَأوصى بذوي الْأَرْحَام خيرا. قَالَ ابْن قدامَة: وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يخْطب الْعشْر كُله، وَرُوِيَ عَن ابْن الزبير كَذَلِك، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) .
٨٨ - (بابُ الوُقُوفِ عَلَى الدَّابةِ بِعَرَفَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْوُقُوف رَاكِبًا على الدَّابَّة فِي عَرَفَة.
١٦٦١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ أبي النَّضْرِ عنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ الله ابنِ العبَّاسِ عَن أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ أنَّ نَاسا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقالَ بَعْضُهُمُ هُوَ صَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَهُوَ وَاقِف على بعيره) ، وَقد مضى الحَدِيث قبل هَذَا الْبَاب ببابين، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم. . إِلَى آخِره، وَهنا: عَن عبد الله بن مسلمة القعْنبِي عَن مَالك عَن أبي النَّضر، بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة. وَهُوَ سَالم بن أبي أُميَّة إِلَى آخِره، فَانْظُر التَّفَاوُت بَينهمَا فِي الْمَتْن والسند، وَلَكِن الْحَاصِل وَاحِد.
قَوْله: (عَن عُمَيْر) ، بِضَم الْعين، وَذكر هُنَاكَ أَنه مولى عبد الله بن عَبَّاس، وَفِي ذَاك الْبَاب قَالَ: مولى أم الْفضل، وَوَجهه أَنه إِمَّا كَانَ مولى لَهما جَمِيعًا، أَو كَانَ مولى لأم الْفضل وَنسب إِلَى عبد الله مجَازًا، أَو بِالْعَكْسِ. وَاسم أم الْفضل: لبَابَة، وَقد مر هُنَاكَ. قَوْله: (فَأرْسلت) بِلَفْظ التَّكَلُّم، وبلفظ الْغَيْبَة، كَمَا فِي ذَاك الْبَاب، كَذَلِك فِي قَوْله: (فَبعثت) .
وَاخْتلف أهل الْعلم أَن الرّكُوب أفضل أَو تَركه بِعَرَفَة، فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الرّكُوب أفضل لكَونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف رَاكِبًا، وَلِأَن فِي الرّكُوب عونا على الِاجْتِهَاد فِي الدُّعَاء والتضرع الْمَطْلُوب هُنَاكَ. وَفِيه: قُوَّة، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ مَالك وَالشَّافِعِيّ، وَعنهُ قَول: إنَّهُمَا سَوَاء. وَفِيه: أَن الْوُقُوف على ظهر الدَّابَّة مُبَاح إِذا كَانَ بِالْمَعْرُوفِ وَلم يجحف بالدابة، وَالنَّهْي الْوَارِد: (لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورهَا مَنَابِر) ، مَحْمُول على الْأَغْلَب الْأَكْثَر بِدَلِيل هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ ابْن التِّين: من سهل عَلَيْهِ بذل المَال وشق عَلَيْهِ الْمَشْي فمشيه أَكثر أجرا لَهُ، وَمن شقّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute