للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَنْفِيّ كَانَ لأجزاء السحر. قَوْله: (من بني زُرَيْق) بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء. قَوْله: (حَلِيف) أَي: معاهد. قَوْله: (ليهود) وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني هُنَا: للْيَهُود، بِزِيَادَة اللَّام.

٥٧ - (بابُ مَا يُنْهاى مِن التَّحاسُدِ والتَّدابُرِ وقَوْلِهِ تَعَالَى: {ومِنْ شَرِّ حاسِد إِذا حَسَدَ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان النَّهْي، وَكلمَة: مَا مَصْدَرِيَّة. قَوْله: (من التحاسد) ويروى: (عَن التحاسد) ، وَالْأول رِوَايَة الْكشميهني والتحاسد والتدابر من بَاب التفاعل، والحسد أَن يرى الرجل لِأَخِيهِ نعْمَة فيتمنى أَن تَزُول عَنهُ وَتَكون لَهُ دونه، والتدابر هُوَ أَن يُعْطي كل وَاحِد من النَّاس أَخَاهُ بره وَقَفاهُ فَيعرض عَنهُ ويهجره، قَالَه ابْن الْأَثِير، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: التدابر التقاطع، يُقَال: تدابر الْقَوْم أَي: أدبر كل وَاحِد عَن صَاحبه. قَوْله: وَقَوله تَعَالَى، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: مَا ينْهَى، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الْحَسَد مَنْهِيّ عَنهُ وَلَو وَقع من جابن وَاحِد. قلت: هَذَا كَلَام رَوَاهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن قَوْله: من الْجَانِبَيْنِ، غير مُسْتَقِيم لِأَن بَاب التفاعل بَين الْقَوْم لَا بَين الْإِثْنَيْنِ. وَالْآخر: أَنه يصدق على كل وَاحِد من المتحاسدين أَنه حَاسِد، فالحسد وَاقع من كل وَاحِد مِنْهُم وَالْوَجْه مَا ذكرنَا.

٦٠٦٤ - حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّه عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اياكمْ والظَّنَّ فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ وَلَا تَحسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحاسَدُوا وَلَا تَدابَرُوا وَلَا تَباغَضُوا وكُونُوا عِبادَ الله إخْواناً.

٦٠٦٥ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا تَباغَضُوا وَلَا تحاسَدُوا ولَا تَدَابَرُوا وكُونوا عِبادَ الله إخوَاناً وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أيَّام. (انْظُر الحَدِيث ٦٠٦٥ طرفه فِي: ٦٠٧٦) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تدابروا) . وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد، وهما بتَشْديد الْمِيم الأولى ابْن مُنَبّه على وزن إسم الْفَاعِل من التَّنْبِيه.

والْحَدِيث من هَذَا الْوَجْه من أَفْرَاده.

قَوْله: (إيَّاكُمْ وَالظَّن) أَي: اجتنبوا الظَّن، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: المُرَاد بِالظَّنِّ هُنَا التُّهْمَة الَّتِي لَا سَبَب لَهَا كمن يتهم رجلا بالفاحشة من غير أَن يظْهر عَلَيْهِ مَا يقتضيها، وَلذَلِك عطف عَلَيْهِ: وَلَا تحسسوا، وَذَلِكَ أَن الشَّخْص يَقع لَهُ خاطر التُّهْمَة فيريد أَن يتَحَقَّق فيتحسس وليبحث ويتسمع فَنهى عَن ذَلِك، وَقَالَ الْخطابِيّ وَغَيره: لَيْسَ المُرَاد ترك الْعَمَل بِالظَّنِّ الَّذِي تناط بِهِ الْأَحْكَام غَالِبا، بل المُرَاد ترك تَحْقِيق الظَّن الَّذِي يضر بالمظنون بِهِ، وَكَذَا مَا يَقع فِي الْقلب بِغَيْر دَلِيل وَذَلِكَ أَن أَوَائِل الظنون إِنَّمَا هُوَ خواطر لَا يُمكن دَفعهَا وَمَا لَا يقدر عَلَيْهِ لَا يُكَلف بِهِ. قَوْله: (فَإِن الظَّن كذب الحَدِيث) أَي: أَكثر كذبا من الْكَلَام. فَإِن قيل: الْكَذِب من صِفَات الْأَقْوَال يُجَاب بِأَن المُرَاد بِهِ هُنَا عدم مُطَابقَة الْوَاقِع سَوَاء كَانَ قولا أَو فعلا. قَوْله: (وَلَا تحسسوا) بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَلَا تجسسوا بِالْجِيم. قَالَ الْكرْمَانِي: كِلَاهُمَا بِمَعْنى، وَكَذَا نقل عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: ذكر الثَّانِي تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِم: بعدا وَسُحْقًا. قلت: بَينهمَا فرق لِأَن كَلَام الشَّارِع كُله معنى، فَقيل: الَّذِي بِالْجِيم الْبَحْث عَن العورات، وَالَّذِي بِالْحَاء الِاسْتِمَاع لحَدِيث الْقَوْم، كَذَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير أحد صغَار التَّابِعين، وَقيل: بِالْجِيم الْبَحْث عَن بواطن الْأُمُور وَأكْثر مَا يُقَال فِي الشَّرّ، وَبِالْحَاءِ الْبَحْث عَمَّا يدْرك بحاسة الْعين أَو الْأذن، وَرجح الْقُرْطُبِيّ هَذَا. وَقيل: بِالْجِيم تتبع الشَّخْص لأجل غَيره، وَبِالْحَاءِ تتبعه لنَفسِهِ وَهَذَا اخْتِيَار ثَعْلَب، وَيسْتَثْنى من النَّهْي عَن التَّجَسُّس مَا لَو تعين طَرِيقا إِلَى إنقاذ نفس من الْهَلَاك مثلا كَانَ يخبر ثِقَة بِأَن فلَانا خلا بشخص ليَقْتُلهُ ظلما، أَو بِامْرَأَة ليزني بهَا، فيشرع فِي هَذِه الصُّورَة التَّجَسُّس والبحث عَن ذَلِك حذار من فَوَات استدراكه. قَوْله: (وَلَا تباغضوا) أَي: لَا تتعاطوا أَسبَاب البغض لِأَن البغض لَا يكْتَسب ابْتِدَاء، وَقيل: المُرَاد بِالنَّهْي عَن الْأَهْوَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>