للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقِصَّة غير تِلْكَ الْقِصَّة. وَقَالَ: فِي كَلَام السكرماني لَازم هَذَا التَّقْدِير أَن الحَدِيث غير مُطَابق للتَّرْجَمَة، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَالَّذِي يظْهر لي أَن البُخَارِيّ حمل قَوْله: ثمَّ غسل جسده على الْمجَاز أَي: مَا بَقِي، وَدَلِيل ذَلِك قَوْله بعد فَغسل رجلَيْهِ، إِذْ لَو كَانَ قَوْله: (غسل جسده) مَحْمُولا، على عُمُومه لم يحْتَج لغسل رجلَيْهِ ثَانِيًا، لِأَن غسلهمَا دخل فِي الْعُمُوم، وَهَذَا أشبه بتصرفات البُخَارِيّ، إِذْ من شَأْنه الاعتناء بالأخفى أَكثر من الأجلى. قلت: مَا ثمَّ فِي هَذَا الَّذِي ذكره هَؤُلَاءِ المذكورون أَكثر كلفة من كَلَام هَذَا الْقَائِل لِأَنَّهُ تصرف فِي كَلَامهم من غير تَحْقِيق وَأبْعد من هَذَا دَعْوَاهُ أَن البُخَارِيّ حمل لفظ الْجَسَد على الْمجَاز، فَلَا يعلم هُوَ أَن الْمجَاز لَا يُصَار أليه إلَاّ عِنْد تعذر الْحَقِيقَة أَو لنكة أُخْرَى، وَأي ضَرُورَة هَاهُنَا إِلَى الْمجَاز، وَمن قَالَ: إِن البُخَارِيّ قصد هَذَا وَأبْعد من ذَلِك أَنه علل مَا ادَّعَاهُ بِغسْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْهِ ثَانِيًا؟ وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون رجلَيْهِ فِي مستنقع المَاء، وَحَاصِل الْكَلَام، كَلَام ابْن الْمُنِير أقرب فِي وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: يُوسُف بن عِيسَى بن يَعْقُوب الْمروزِي، وَالْفضل بن مُوسَى أَبُو عبد الله السينَانِي، والبقية ذكرُوا عَن قريب.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين عِنْد أبي ذَر فِي الثَّانِي، وَعند غَيره أخبرنَا وَكَذَا أخبرنَا الْأَعْمَش. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.

ذكر مَعَانِيه قَوْله: (وضوء للجنابة) بِفَتْح الْوَاو، فِي رِوَايَة كَرِيمَة وضوء لجنابة بلام وَاحِدَة فِي رِوَايَة الْكشميهني. وضوء الْجَنَابَة وَقَوله: (وضع) على بِنَاء الْمَعْلُوم، وَرَسُول الله فَاعله، ويروي على بِنَاء الْمَجْهُول، وضع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: لأَجله قَوْله: (فاكفأ) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَرِوَايَة أبي ذَر فكفأ، أَي: قلب قَوْله: (على يسَار) كَذَا هُوَ للأكثرين، ولكريمه وَالْمُسْتَمْلِي على شِمَاله قَوْله: (ضرب يَده بِالْأَرْضِ) كَذَا هُوَ للأكثرين وللكشميهني، بِيَدِهِ الأَرْض.

قالَتْ فاتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْها فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ

فَاعل. قَالَت مَيْمُونَة وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: قَالَت عَائِشَة، وَهُوَ غلط ظَاهر، وَبَيَان الْأَحْكَام قد تقدم فِيمَا مضى.

١٧ - (بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من إِذا ذكر فِي الْمَسْجِد أَنه جنب، وَحكمه أَنه يخرج على حَالَته وَلَا يحْتَاج إِلَى التَّيَمُّم قَوْله: (ذكر) من الْبَاب الَّذِي مصدره الذّكر بِضَم الذَّال، لَا من الْبَاب الَّذِي مصدره الذّكر بِالْكَسْرِ؟ وَهَذِه دقة لَا يفهمها إلَاّ من لَهُ ذوق من نكات الْكَلَام، فَلذَلِك فسر بَعضهم قَوْله: ذكر بقوله: تذكر فَلَو ذاق هَذَا مَا ذَكرْنَاهُ لما احْتَاجَ إِلَى تَفْسِير، فعل يتفعل. قَوْله: (يخرج) رِوَايَة أبي ذَر وكريمة وَرِوَايَة غَيرهمَا. (خرج) قَوْله: (كَمَا هُوَ) أَي: على هَيئته وحاله جنياً وَقَوله: (وَلَا يتَيَمَّم) توضيح لقَوْله كَمَا هُوَ وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا مَوْصُولَة وموصوفة وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَي كالأمر الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَو كحالة هُوَ عَلَيْهَا قلت على كل تَقْدِير هَذِه الْجُمْلَة محلهَا النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي يخرج وَقَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا فَإِن قلت: تَسْمِيَة هَذِه الْكَاف، بكاف الْمُقَارنَة تصرف مِنْهُ، واصطلاح، بل الْكَاف، هُنَا للتشبيه على أَصله وَنظر ذَلِك قَوْلك لشخص: كن أَنْت عَلَيْهِ وَالْمعْنَى: على مَا أَنْت عَلَيْهِ، ثمَّ فِي هَذَا وُجُوه من الْإِعْرَاب. الأول: أَن تكون مَا مَوْصُولَة وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: كَالَّذي هُوَ عَلَيْهِ من الْجَنَابَة. الثَّانِي: أَن يكون هُوَ خَبرا مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ، وَالتَّقْدِير: كَالَّذي هُوَ عَلَيْهِ، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} (سُورَة الْأَعْرَاف: ١٣٨) أَي: كَالَّذي هُوَ لَهُم آلِهَة. وَالثَّالِث: أَن تكون مَا زَائِدَة ملغاة عَن الْعَمَل وَالْكَاف، جَارة، وَهُوَ ضمير مَرْفُوع أنيب عَن الْمَجْرُور، كَمَا فِي قَوْله: مَا أَنا كَانَت وَالْمعْنَى: يخرج فِي الْمُسْتَقْبل مماثلاً لنَفسِهِ فِيمَا مضى. وَالرَّابِع: أَن تكون مَا، كَافَّة، وَهُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر، أَي: عَلَيْهِ، أَو كَائِن. وَالْخَامِس: أَن تكون مَا كَافَّة، وه، فَاعل، وَالْأَصْل: يخرج كَمَا كَانَ، ثمَّ حذفت كَانَ فانفصل الضَّمِير، وعَلى هَذَا الْوَجْه يجوز أَن تكون مَا مَصْدَرِيَّة.

٢٧ - (حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عُثْمَان بن عمر قَالَ أخبرنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف قيَاما وَخرج إِلَيْنَا رَسُول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>