أَكثر من ثَمَانمِائَة رجل من بَين صَاحب وتابع، اسْتَعْملهُ عمر رَضِي تَعَالَى الله عَنهُ، على الْبَحْرين ثمَّ عَزله، ثمَّ أَرَادَهُ على الْعَمَل فَأبى عَلَيْهِ، وَلم يزل يسكن الْمَدِينَة حَتَّى مَاتَ فِيهَا سنة سبع وَخمسين، قَالَه خَليفَة بن خياط، وَقَالَ ابْن الْهَيْثَم بن عدي: توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين، وَقيل: مَاتَ بالعقيق وَحمل إِلَى الْمَدِينَة وَصلى عَلَيْهِ الْوَلِيد بن عتبَة بن أبي سُفْيَان وَكَانَ أَمِيرا على الْمَدِينَة لمعاوية بن أبي سُفْيَان، وروى عَنهُ أَنه قَالَ: إِنَّمَا كنيت بِأبي هُرَيْرَة لِأَنِّي وجدت أَو لَا دهرة وحشية فحملتا فِي كمي، فَقيل: مَا هَذِه قلت: هرة، قيل: فَأَنت أَبُو هُرَيْرَة، وَقيل: رَآهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي كمه هرة، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة.
ثمَّ الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ هُنَا عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَن أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة، وَأخرجه فِي كتاب الْعتْق فِي: بَاب إِذا قَالَ رجل لعَبْدِهِ: هُوَ لله، من ثَلَاث طرق، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله:(لما قدمت) أَي: لما أردْت الْقدوم. قَوْله:(وعنائها) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَهُوَ التَّعَب وَالنّصب قَوْله:(من دارة الْكفْر) الدارة أخص من الدَّار. قَوْله:(وأبق غُلَام لي) ، ادّعى ابْن التِّين أَنه وهم، وَإِنَّمَا ضل كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه، وَقيل: لَا دَلِيل لَهُ على ذَلِك. قلت: يجوز أَن يكون قَوْله فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة فِي الْعتْق: فأضل أَحدهمَا صَاحبه، دَلِيلا على ذَلِك، وَقَالَ بَعضهم: لَا يلْتَفت إِلَى إِنْكَار ابْن التِّين أَنه أبق، لِأَن رِوَايَة: أبق، فسرت وَجه الإضلال. قلت: لَا إِبْهَام فِي الإضلال حَتَّى يفسره بِلَفْظ: أبق وَلَا يصلح أَيْضا أَن يكون: أبق، مُفَسرًا لَهُ من حَيْثُ اللُّغَة، وَلَا وَجه لذَلِك أصلا، لِأَن فِي الْإِبَاق معنى الْمُخَالفَة للْمولى والهرب عَنهُ، وَهُوَ أكبر الْعُيُوب فِي العَبْد، وَلَيْسَ فِي الإضلال هَذَا الْمَعْنى أصلا، فعلى هَذَا التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن يُقَال: إِنَّه أطلق: أبق، على معنى: أضلّ، لِأَن فِي كل من هذَيْن اللَّفْظَيْنِ معنى الاستتار والاحتباس.
أَي: هَذَا فِي بَيَان قصَّة وَفد طَيء، وَفِي بعض النّسخ: بَاب قصَّة وَفد طَيء، وَفِي بَعْضهَا، وَفد طَيء، وَحَدِيث عدي بن حَاتِم بِلَا لفظ: قصَّة، والطيء، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا همزَة: ابْن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وَقَالَ الرشاطي: كَانَ اسْمه جلهمة بن أدد، وَقَالَ ابْن دُرَيْد عَن الْخَلِيل: إِن أصل طَيء: طاوي، بِالْوَاو وَالْيَاء، فقلبوا الْوَاو يَاء فَصَارَت يَاء ثَقيلَة، قَالَ: وَكَانَ الأَصْل فِيهِ: طوى، وَقَالَ السيرافي: ذكر بعض النَّحْوِيين أَن: طيأ، من الطأة وَهُوَ الذّهاب فِي الأَرْض. وَقَالَ ابْن سعيد: لَيْسَ غير هَذَا القَوْل بِشَيْء لِأَن طوى طياً لَا أصل لَهُ فِي الْهمزَة، وطيء مَهْمُوز، وَحكى سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْله: فِي طَيء، طائي أَنه على غير الْقيَاس، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: النِّسْبَة إِلَى طأي طائي، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: سمي طياً لِأَنَّهُ أول من طوى المناهل قَوْله: (وَحَدِيث عدي) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّار وَتَشْديد الْيَاء: ابْن حَاتِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق الْمَكْسُورَة: ابْن عبد الله بن سعد بن الحشرج، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالراء بعْدهَا جِيم على وزن جَعْفَر: ابْن امرىء الْقَيْس بن عدي بن ربيعَة بن جَرْوَل بن ثعل بن عَمْرو بن الْغَوْث بن طَيء بن أدد بن زيد بن كهلان، قدم عدي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شعْبَان سنة تسع، قَالَه أَبُو عمر، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: قدم فِي شعْبَان سنة عشر ثمَّ قدم على أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بصدقات قومه فِي حِين الرِّدَّة، وَمنع قومه وَطَائِفَة مَعَه من الرِّدَّة بِثُبُوتِهِ على الْإِسْلَام وَحسن رَأْيه وَكَانَ سرياً شريفاً فِي قومه، خَطِيبًا ظَاهر الْجَواب، فَاضلا كَرِيمًا، وَنزل عدي بن حَاتِم الْكُوفَة وسكنها وَشهد مَعَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْجمل وففئت عينه يومئذٍ ثمَّ شهد مَعَ عَليّ صفّين والنهروان، وَمَات بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَسِتِّينَ فِي أَيَّام الْمُخْتَار، وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة.