للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبُول الصَّدَقَة، فَلَا يلْزمه الْقبُول حتما، أجبنا عَنهُ بِأَنَّهُ دَلِيل لنا، لِأَنَّهُ أَمر بِالْقبُولِ وَالْأَمر للْوُجُوب، وَلِأَن هَذِه صَدَقَة وَاجِبَة فِي الذِّمَّة فَلَيْسَ لَهُ حكم المَال، فَيكون إِسْقَاطًا مَحْضا، وَلَا يرْتَد بِالرَّدِّ كالصدقة بِالْقصاصِ وَالطَّلَاق وَالْعتاق، يكون إِسْقَاطًا لَا يرْتَد بِالرَّدِّ، فَكَذَا هَذَا.

وَلنَا أَحَادِيث: مِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة (قَالَت: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فأقرت صَلَاة السّفر وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر) ، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: (فرض الله الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَربع رَكْعَات وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة) ، رَوَاهُ مُسلم، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ: (افْترض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر كَمَا افْترض فِي الْحَضَر أَرْبعا. وَمِنْهَا: حَدِيث عمر قَالَ: (صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الضُّحَى رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْفطر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي (صَحِيحه) . وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر، قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانَا وَنحن صلال يعلمنَا، فَكَانَ فِيمَا علمنَا أَن الله، عز وَجل، أمرنَا أَن نصلي رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر. .) ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَمِنْهَا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المتمم الصَّلَاة فِي السّفر كالمقصر فِي الْحَضَر) ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) .

٣ - (بابٌ كَمْ أقَامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّتِهِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ كم من يَوْم أَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجه.

٥٨٠١ - حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ قَالَ حَدثنَا أيُّوبُ عنْ أبي العَالِيَةِ البَرَّاءِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأصْحَابُهُ لِصُبْحٍ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالحَجِّ فَأمَرَهُمْ أنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلاّ منْ مَعَهُ الهَدْيُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة غير تَامَّة، وَإِنَّمَا فِي الحَدِيث بَيَان قدومه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برابعة ذِي الْحجَّة، وَلَيْسَ فِيهِ: كم من يَوْم أَقَامَ النَّبِي، وَلكنه من الْمَعْلُوم أَن حجه هُوَ حجَّة الْوَدَاع، وَكَانَ فِي مَكَّة وحواليها إِلَى الرَّابِع عشر من ذِي الْحجَّة، فَهَذِهِ الْإِقَامَة عشرَة أَيَّام، كَمَا فِي حَدِيث أنس الَّذِي مضى فِي أول الْأَبْوَاب، وَبينا ذَلِك مستقصىً.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: وهيب بن خَالِد أَبُو بكر، وَقد مر فِي: بَاب من أجَاب الْفتيا فِي الْعلم. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. الرَّابِع: أَبُو الْعَالِيَة اسْمه زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن فَيْرُوز، وَقيل غير ذَلِك، وَهُوَ غير أبي الْعَالِيَة الريَاحي، واسْمه رفيع، بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره عين مُهْملَة، وَكِلَاهُمَا بصريان تابعيان يرويان عَن ابْن عَبَّاس: ويتميز أَبُو الْعَالِيَة زِيَاد بالبراء، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء، وَكَانَ يبري النبل، وَقيل: الْقصب. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلم بصريون. وَفِيه: أحدهم مَذْكُور بِالتَّصْغِيرِ وَالْآخر بِلَا نِسْبَة وَالْآخر بالكنية وَالنِّسْبَة.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن نصر بن عَليّ وَعَن إبراهم بن دِينَار وَعَن أبي دَاوُد الْمُبَارك وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن هَارُون بن عبد الله وَعَن عبد بن حميد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن مُحَمَّد بن معمر البحراني.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (الصُّبْح رَابِعَة) أَي: الْيَوْم الرَّابِع من ذِي الْحجَّة. قَوْله: (يلبون بِالْحَجِّ) جملَة حَالية أَي: محرمين، وَذكر التَّلْبِيَة وَإِرَادَة الْإِحْرَام من طَرِيق الْكِنَايَة. قَوْله: (أَن يجعلوها) أَي: يجْعَلُوا حجتهم عمْرَة، وَلَيْسَ هَذَا بإضمار قبل الذّكر، لِأَن قَوْله: بِالْحَجِّ، يدل على أَن الْحجَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} (الْمَائِدَة: ٨) . أَي الْعدْل. قَوْله: (هدي) بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال وخفة الْيَاء، وبكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء، هُوَ مَا يهدى إِلَى الْحرم من النعم تقربا إِلَى الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا اسْتثْنى صَاحب الْهَدْي لِأَنَّهُ لَا يجوز لَهُ التَّحَلُّل حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله.

<<  <  ج: ص:  >  >>