أَن يكون أسود أفحج، حَالين متداخلين أَو مترادفتين من الضَّمِير فِي: بِهِ، ويروى أسود مَنْصُوبًا على الذَّم أَو الِاخْتِصَاص، وَلَيْسَ من شَرط الْمَنْصُوب على الِاخْتِصَاص أَن لَا يكون نكرَة، فَهَذَا الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَائِما بِالْقِسْطِ} (آل عمرَان: ٨١) . أَنه مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص، وَيجوز أَن يكون بَدَلا من الضَّمِير الَّذِي فِي: بِهِ، وَيجوز إِبْدَال الْمظهر من الْمُضمر الْغَائِب، نَحْو: ضَربته زيدا، قَوْله: (أفحج) ، على وزن: أفعل، بفاء ثمَّ حاء مُهْملَة ثمَّ جِيم من الفحج، وَفِي (الْمُنْتَهى) ؛ هُوَ تداني صُدُور الْقَدَمَيْنِ وتباعد العقبين، وَقد فحج يفحج من بَاب علم يعلم، فَهُوَ أفحج، ودابة فحجاء، وَهُوَ عيب فِي الْخَيل، والفحج، بِالْكَسْرِ، مشْيَة الأفحج، وَقد فحج يفحج من بَاب ضرب يضْرب، وفحج يفحج من بَاب، فتح يفتح، وَيُقَال: الفحج بِالتَّحْرِيكِ: تبَاعد مَا بَين السَّاقَيْن، وَمن الدَّوَابّ مَا بَين العرقوبين. وَفِي (الْمُحكم) : فحج فحجا، وَعَن اللحياني فحجة أَيْضا. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: الفحج تبَاعد مَا بَين الفخذين. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ تبَاعد مَا بَين الرجلَيْن، وَفِي (الْمُجْمل) : هُوَ تبَاعد مَا بَين السَّاقَيْن فِي الْإِنْسَان وَالدَّابَّة. قَوْله فِي حَدِيث عَليّ: أصلع، وَهُوَ الَّذِي ذهب شعر مقدم رَأسه، والأصلع الصَّغِير الرَّأْس، والأصمع الصَّغِير الْأُذُنَيْنِ. قَوْله: (حمش السَّاقَيْن) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وَفِي آخِره شين مُعْجمَة، أَي: دَقِيق. قَوْله: (حجرا حجرا) ، نصب على الْحَال نَحْو: بوبته بَابا بَابا أَي: مبوبا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو بدل من الضَّمِير يَعْنِي الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي يقلعها.
٦٩٥١ - حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ.
(انْظُر الحَدِيث ١٩٥١) .
قد مضى هَذَا الحَدِيث عَن قريب فِي: بَاب قَول الله عز وَجل: {جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام} (الْمَائِدَة: ٧٩) . فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن زِيَاد بن سعد عَن الزُّهْرِيّ، وَهَهُنَا رَوَاهُ عَن يحيى بن أبي بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، عَن اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ، عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب، هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَالله أعلم.
٠٥ - (بابُ مَا ذُكِرَ فِي الحَجَرِ الأسْوَدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ذكر فِي شَأْن الْحجر الْأسود، وَهُوَ الَّذِي فِي ركن الْكَعْبَة الْقَرِيب بِبَاب الْبَيْت من جَانب الشرق، وَيُقَال لَهُ: الرُّكْن الْأسود، ارتفاعه من الأَرْض ذراعان وَثلثا ذِرَاع، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: ارتفاعه من الأَرْض ثَلَاثَة أَذْرع إلَاّ سبع أَصَابِع.
٧٩٥١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عابِسِ بنِ رَبِيعَةَ عنْ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ جاءَ إلَى الحَجَرِ الأسْوَدِ فقَبَّلَهُ فَقَالَ إنِّي أعلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ ولَوْلَا أنِّي رأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الَّذِي عِنْده على شَرطه هَذَا الحَدِيث، وإلَاّ فَفِيهِ وَردت أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة وضعيفة على مَا سنذكر شَيْئا من ذَلِك.
ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن كثير ضد الْقَلِيل أَبُو عبد الله الْعَبدَرِي، مر فِي كتاب الْعلم. الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ. الثَّالِث: سُلَيْمَان الْأَعْمَش. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ. الْخَامِس: عَابس، بِالْعينِ الْمُهْملَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة وَفِي آخِره سين مُهْملَة: ابْن ربيعَة، بِفَتْح الرَّاء: النَّخعِيّ. السَّادِس: عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي والبقية كلهم كوفيون. قَوْله: (عَن إِبْرَاهِيم) هُوَ النَّخعِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن إِبْرَاهِيم ابْن عبد الْأَعْلَى عَن سُوَيْد بن غَفلَة عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.