للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ من كَلَام ابْن عمر لَا كَلَام الرجل الْمخبر بِتَغَيُّر الْقبْلَة قَالَه الْكرْمَانِي (قلت) لَا مَانع أَن يكون من كَلَام الْمخبر فعلى هَذَا تكون الْوَاو للْحَال فَتكون جملَة حَالية على رِوَايَة الْأَكْثَرين وَهُوَ أَن يكون صِيغَة الْجمع من الْمَاضِي وعَلى رِوَايَة الْأصيلِيّ تكون الْوَاو للْعَطْف وَجَاء عطف الْجُمْلَة الخبرية على الإنشائية وَالضَّمِير فِي وُجُوههم يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين وَقَالَ بَعضهم عوده إِلَى أهل قبَاء أظهر ويرجح رِوَايَة الْكسر أَنه عِنْد المُصَنّف فِي التَّفْسِير " وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة أَلا فاستقبلوها " فدخول حرف الاستفتاح يشْعر بِأَن الَّذِي بعده أَمر لَا أَنه بَقِيَّة الْخَبَر الَّذِي قبله (قلت) إِلَّا فِي مثل هَذَا الْموضع تكون للتّنْبِيه لتدل على تحقق مَا بعْدهَا وَلَا يُسمى حرف استفتاح إِلَّا فِي مَكَان يهمل مَعْنَاهَا وَفِي تَرْجِيحه الْكسر بِهَذَا نظر لِأَنَّهُ يُعَكر عَلَيْهِ قَوْله " فاستداروا " إِذا جعل وَكَانَت وُجُوههم من كَلَام ابْن عمر (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) قد مر أَكْثَره فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَفِيه مَا يُؤمر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يلْزم أمته وَفِيه أَن أَفعاله يجب الْإِتْيَان بهَا عِنْد قيام الدَّلِيل على الْوُجُوب وَيسن وَيسْتَحب بِحَسب الْمقَام والقرائن وَفِيه قبُول خبر الْوَاحِد وَفِيه جَوَاز تَعْلِيم من لَيْسَ فِي الصَّلَاة من هُوَ فِيهَا وَفِيه اسْتِمَاع الْمُصَلِّي لكَلَام من لَيْسَ فِي الصَّلَاة لَا يضر صلَاته وَفِيه أَن من تبلغه الدعْوَة وَلم يُمكنهُ استعلام ذَلِك فالفرض غير لَازم لَهُ هَكَذَا استنبطه الطَّحَاوِيّ مِنْهُ

٤٠٤ - ح دّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدّثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عنِ الحَكَمِ عنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَة عنْ عَبْدِ اللَّهِ قالَ صَلَّى النبيُّ الظُّهْرَ خَمْساً فقالُوا أزِيدَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَمَا ذاكَ قالُوا صَلَّيْتَ خَمْساً فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: (وَمن لم ير الْإِعَادَة على من سَهَا فصلى) ظَاهِرَة لِأَنَّهُ سهى فصلى وَلم يعد تِلْكَ الصَّلَاة، وَهَذَا الحَدِيث مضى عَن قريب فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا الْبَاب، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَشعْبَة بن الْحجَّاج وَالْحكم بن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وعلقمة بن قيس النَّخعِيّ وَعبد ابْن مَسْعُود.

فَإِن قلت: مَا وَجه احتجاج البُخَارِيّ بِهَذَا الحَدِيث؟ قلت: هُوَ أَن إقباله على النَّاس بِوَجْهِهِ بعد انْصِرَافه بعد السَّلَام كَانَ فِي غير صَلَاة، فَلَمَّا بنى على صلَاته بَان أَنه كَانَ فِي وَقت استدبار الْقبْلَة فِي حكم الْمُصَلِّي، لِأَنَّهُ لَو خرج من الصَّلَاة لم يجز لَهُ أَن يَبْنِي على مَا مضى مِنْهَا، فَظهر بِهَذَا أَن من أَخطَأ الْقبْلَة لَا يُعِيد.

٣٣ - (بابُ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حك البزاق بِالْيَدِ، سَوَاء كَانَ بِآلَة أَو لَا. فَإِن قلت: فِي حَدِيث الْبَاب الحك بِالْيَدِ من غير ذكر آلَة وَكَذَلِكَ فِي التَّرْجَمَة قلت: قَوْله: بِالْيَدِ، أَعم من أَن يكون فِيهَا آلَة أَو لَا، على أَن أَبَا دَاوُد روى عَن جَابر قَالَ: (أَتَانَا رَسُول الله فِي مَسْجِدنَا وَفِي يَده عرجون ابْن طَابَ، فَنظر فَرَأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة، فَأقبل عَلَيْهَا فحتها بالعرجون) الحَدِيث، فَهَذَا يدل على أَنه بَاشر بِيَدِهِ بعرجون فِيهَا؛ والعرجون، بِضَم الْعين: هُوَ الْعود الْأَصْغَر الَّذِي فِيهِ الشماريخ إِذا يبس واعوج، وَهُوَ من الانعراج، وَهُوَ الانعطاف، وَجمعه: عراجين، و: الْوَاو وَالنُّون فِيهِ زائدتان، و: ابْن طَابَ، رجل من أهل الْمَدِينَة ينْسب إِلَيْهِ نوع من تمر الْمَدِينَة، وَمن عاداتهم أَنهم ينسبون ألوان التَّمْر كل لون إِلَى أحد، وَمَعَ هَذَا يحْتَمل تعدد الْقِصَّة. وَفِي البزاق ثَلَاث لُغَات: بالزاي وَالصَّاد وَالسِّين، والأوليان مشهورتان.

وَلما فرغ من بَيَان أَحْكَام الْقبْلَة شرع فِي بَيَان أَحْكَام الْمَسَاجِد، والمناسبة ظَاهِرَة.

٥٠٤٩٦ - ح دّثنا قتَيْبَةُ قَالَ حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ أنَّ النبيَّ رَأى نُخَامَةً فِي القبْلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ فِي وَجْهِهِ فقامَ فَحكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: (إِنَّ أحَدَكُمْ إذَا قامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَو إنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ فَلَا يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عنْ يَسَارِهِ أوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ) ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فقالَ أَو يَفْعَلُ هَكَذَا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>