أَشَارَ بِهَذَا إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {لَاّ يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ} وَفسّر قَوْله: لَا يمسهُ بقوله: لَا يجد طعمه ونفعه إلَاّ من آمن بِالْقُرْآنِ. أَي: الْمُطهرُونَ من الْكفْر، وَلَا يحملهُ بِحقِّهِ إِلَّا الموقن بِكَوْنِهِ من عِنْد الله الْمُطهرُونَ من الْجَهْل وَالشَّكّ وَنَحْوه، لَا الغافل كالحمار مثلا الَّذِي يحمل الْأَسْفَار وَلَا يدْرِي مَا هِيَ. قَوْله: إلَاّ الموقن، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: إلَاّ الْمُؤمن.
وسَمَّى النبيُّ الإسْلَامَ والإيمَانَ والصَّلَاةَ عَمَلاً قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النبيُّ لِبِلالٍ أخْبِرْنِي بِأرْجاى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلَامِ قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أرْجاى عِنْدِي أنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ إلاّ صَلَّيْتُ، وسُئِلَ: أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: إيمانٌ بِالله ورَسُولِهِ ثُمَّ الجِهادُ ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ
قيل: لَا فَائِدَة زَائِدَة فِي قَوْله: وسمى النَّبِي، إِلَى آخِره لِأَنَّهُ لم يُنكر أحد كَون هَذِه الْأَشْيَاء أعمالاً لِأَن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان من أَعمال الْقلب وَاللِّسَان، وَالصَّلَاة من أَعمال الْجَوَارِح. قَوْله: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة، قد مضى مَوْصُولا فِي كتاب التَّهَجُّد فِي: بَاب فضل الطّهُور بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَقد وهم بَعضهم حَيْثُ قَالَ: تقدم مَوْصُولا فِي مَنَاقِب بِلَال قَوْله: وَسُئِلَ أَي النَّبِي أَي: الْأَعْمَال أفضل؟ ... إِلَى آخِره قد مضى فِي الْإِيمَان فِي: بَاب من قَالَ: إِن الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل، أخرجه من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله سُئِلَ ... إِلَى آخِره، وَمضى كَذَلِك فِي الْحَج فِي: بَاب فضل الْحَج المبرور، وَفِيه: سُئِلَ أَي الْأَعْمَال؟ وَفِي الَّذِي فِي الْإِيمَان. سُئِلَ: أَي الْعَمَل؟ بِالْإِفْرَادِ.
٧٥٣٣ - حدّثنا عَبْدانُ، أخبرنَا عَبْدُ الله، أخبرنَا يُونُسُ، عنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبرنِي سالِمٌ، عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إنّما بَقاؤُكمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْراةَ فَعَمِلُوا بِها حتَّى انْتَصَف النَّهارُ ثُمَّ عَجَزُوا، فأُعْطُوا قِيراطاً قِيراطاً، ثُمَّ أُوتِيَ أهْلُ الإنْجِيلِ الإنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حتَّى صُلِّيَت العَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا، فأُعْطُوا قِيراطاً قِيراطاً، ثُم أُوتِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فأُعْطِيتُمْ قِيراَطَيْنِ قِيراطَيْن. فَقَالَ أهْلُ الكِتابِ: هاؤُلاءِ أقَلُّ مِنَّا عَمَلاً وأكْثَرُ أجْراً؟ قَالَ الله تَعَالَى: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئاً؟ قالُوا: لَا. قَالَ: فَهْوَ فَضْلِي أُوتِيه مَنْ أشاءُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة
وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد.
والْحَدِيث مضى أَولا فِي كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي: بَاب من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر، ثمَّ مضى فِي كتاب التَّوْحِيد فِي: بَاب الْمَشِيئَة والإرادة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مكرراً.
٤٨ - (بابٌ وسَمَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاةَ عَمَلاً، وَقَالَ: (لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأُ بِفاتِحَةِ الكِتابِ))
هَذَا بَاب مُجَرّد عَن التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ كالفصل لما قبله، وَلِهَذَا قَالَ: وسمى بِالْوَاو. وَقَوله: لَا صَلَاة ... إِلَى آخِره قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب وجوب الْقِرَاءَة للْإِمَام وَالْمَأْمُوم، وَأخرجه من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله، قَالَ: لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَا صَلَاة، أَي: لَا صِحَة للصَّلَاة لِأَنَّهَا أقرب إِلَى نفي الْحَقِيقَة بِخِلَاف الْكَمَال وَنَحْوه. قلت: لم لَا تَقول أَيْضا فِي قَوْله، لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إلَاّ فِي الْمَسْجِد؟ وَالْقَوْل: بِلَا كَمَال للصَّلَاة إلَاّ بِفَاتِحَة الْكتاب مُتَعَيّن لقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَىِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الَاْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَءَاتُواْ الزَّكَواةَ وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لَاِنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أجمع أهل التَّفْسِير أَنَّهَا نزلت فِي الصَّلَاة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute