وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجَنَّةِ
روى هَذَا التَّعْلِيق مُسْندًا مَوْصُولا فِي كتاب الصّيام فِي: بَاب الريان للصائمين، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن معن عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة ... الحَدِيث، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَفِي الْجِهَاد أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَفِيه: فَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد ... الحَدِيث.
فِيهِ عُبادَةُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: فِي هَذَا الْبَاب روى عَن عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا رَوَاهُ فِي ذكر عِيسَى من الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شهد أَن لَا إلاه إلَاّ الله ... الحَدِيث، وَفِيه: أدخلهُ الله من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية أَيهَا شَاءَ، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) من حَدِيث ابْن سَلام: عَن أبي أُمَامَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت وَلَفظه: عَلَيْكُم بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة، يُذْهِبُ الله بِهِ الهَمَّ والغَمَّ.
٧٥٢٣ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حدَّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أبْوَابٍ فِيهَا بابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إلَاّ الصَّائِمُونَ. (انْظُر الحَدِيث ٦٩٨١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ثَمَانِيَة أَبْوَاب، وَمُحَمّد بن مطرف، بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، والْحَدِيث من أَفْرَاده، قَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا الحَدِيث يبين قَوْله تَعَالَى: {وَفتحت أَبْوَابهَا} (الزمر: ٣٧) . لِأَن الْوَاو إِنَّمَا تَأتي بعد سَبْعَة. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْوَاو زَائِدَة، وَهُوَ خطأ عِنْد الْبَصرِيين، لِأَن الْوَاو تفِيد معنى الْعَطف. فَلَا يجوز أَن تزاد. قَوْله: (الريان) ، أَصله: الرويان، اجْتمعت الْيَاء وَالْوَاو وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فأبدلت الْوَاو يَاء ثمَّ أدغمت الْيَاء فِي الْيَاء، والريان ضد العطشان، من: رويت من المَاء بِالْكَسْرِ أروى رِياً ورَياً، وَرُوِيَ أَيْضا مثل: رَضِي، ورَويت الحَدِيث، بِالْفَتْح رِوَايَة. قَوْله: (لَا يدْخلهُ إلَاّ الصائمون) مجازاة لَهُم لما كَانَ يصيبهم من الْعَطش من صِيَامهمْ، وَالله أعلم.
٠١ - (بابُ صِفَةِ النَّارِ وأنَّهَا مَخْلُوقَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صفة النَّار، يَعْنِي: نَار جَهَنَّم، وَفِي بَيَان أَنَّهَا مخلوقة مَوْجُودَة، وَفِيه رد على الْمُعْتَزلَة، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي: بَاب صفة الْجنَّة، وَقَالَ الْكرْمَانِي مَا ملخصه: إِن النَّسَفِيّ لم يروِ من أول الْبَاب إِلَى أول حَدِيث الْبَاب اللُّغَات الْمَذْكُورَة، وَلم يُوجد فِي نسخته شَيْء من ذَلِك، وأمثال هَذِه مِمَّا سَمعه الْفربرِي عَن البُخَارِيّ عِنْد سَماع الْكتاب، فألحقها هُوَ بِهِ، وَالْأولَى بِوَضْع هَذَا الْجَامِع فقدانها لَا وجدانها، إِذْ مَوْضُوعه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جِهَة أَقْوَاله وأفعاله وأحواله، فَيَنْبَغِي أَن لَا يتَجَاوَز الْبَحْث عَن ذَلِك.
غَسَاقَاً يُقالُ غَسَقَتْ عَيْنُهُ ويَغْسِقُ الْجُرْحُ وكأنَّ الغَسَاقَ والغَسَقَ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ حميماً وغسَّاقاً} (النبإ: ٥٢) . قَوْله: (يُقَال: غسقت عينه) إِذا سَالَ مِنْهَا المَاء الْبَارِد، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: غسقت عينه إِذا أظلمت، وغسق الْجرْح إِذا سَالَ مِنْهُ مَاء أصفر، وَيُقَال: الغساق المَاء الْبَارِد المنتن يُخَفف ويشدد، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو بِالتَّشْدِيدِ، وَالْكسَائِيّ بِالتَّخْفِيفِ، وَقيل: الغساق قيح غليظ، قَالَه عبد الله بن عَمْرو، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ صديدهم تصهرهم النَّار فيجتمع صديدهم فِي حِيَاض فيسقونه، وَقَالَ ابْن فَارس: الغساق مَا يقطر من جُلُود أهل النَّار، وَقيل: بَارِد يحرق كَمَا تحرق النَّار، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ حميماً وغساقاً} (النبإ: ٥٢) . الْحَمِيم: المَاء الْحَار، والغساق مَا همي وسال. وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد مَرْفُوعا: (لَو أَن دلواً من غساق يهراق إِلَى الدُّنْيَا لأنتن أهل الدُّنْيَا) . قَوْله: (كَأَن الغساق والغسق وَاحِد) ، هَكَذَا