بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فِي أثْنَاء الْخطْبَة لَا يُفْسِدهَا. وَفِيه: الِاعْتِذَار إِلَى وُلَاة الْأُمُور. وَفِيه: إِبَاحَة الشّغل وَالتَّصَرُّف يَوْم الْجُمُعَة قبل النداء، وَلَو أفْضى ذَلِك إِلَى ترك فَضِيلَة البكور إِلَى الْجُمُعَة، لِأَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يَأْمر بِرَفْع السُّوق بعد هَذِه الْقِصَّة، وَاسْتدلَّ بِهِ مَالك على أَن السُّوق لَا يمْنَع يَوْم الْجُمُعَة قبل النداء لكَونهَا كَانَت فِي زمن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلكَون الذَّاهِب إِلَيْهَا مثل عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد قُلْنَا: إِن وجوب السَّعْي وَحُرْمَة البيع وَالشِّرَاء بِالْأَذَانِ الَّذِي يُؤذن بَين يَدي الْمِنْبَر، لِأَنَّهُ هُوَ الأَصْل، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَأكْثر فُقَهَاء الْأَمْصَار. ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِي حُرْمَة البيع فِي ذَلِك الْوَقْت، فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ: يجوز البيع مَعَ الْكَرَاهَة، وَعند مَالك وَأحمد والظاهرية: البيع بَاطِل، وَقد عرف فِي الْفُرُوع. وَفِيه: جَوَاز شُهُود الْفُضَلَاء السُّوق ومعاناة التَّجر. وَفِيه: أَن فَضِيلَة التَّوَجُّه إِلَى الْجُمُعَة إِنَّمَا تحصل قبل التأذين، وَقد اسْتدلَّ بَعضهم بقوله: كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ، إِن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب، وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لرجع عُثْمَان حِين كَلمه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَو لرده عمر حِين لم يرجع، فَلَمَّا لم يرجع وَلم يُؤمر بِالرُّجُوعِ، ويحضرهما الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار، دلّ على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب. وَهَذِه قرينَة على أَن المُرَاد من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: فليغتسل، لَيْسَ أَمر الْإِيجَاب، بل هُوَ للنَّدْب، وَكَذَا المُرَاد من قَوْله: وَاجِب، أَنه كالواجب، جمعا بَين الْأَدِلَّة.
٨٧٩ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَار عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ واجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ. .
مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على أَن قَوْله: (على كل محتلم) يخرج الصَّبِي والْحَدِيث بِعَيْنِه أخرجه فِي: بَاب وضوء الصّبيان وَمَتى يجب عَلَيْهِم، وَلَكِن أخرجه هُنَاكَ: عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء ابْن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَهُنَا أخرجه: عَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي عَن مَالك. . إِلَى آخِره، وَلم تخْتَلف رُوَاة (الْمُوَطَّأ) على مَالك فِي إِسْنَاده.
وَرِجَاله مدنيون. وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ عَن صَحَابِيّ. وَقد ذكرنَا بَقِيَّة الْكَلَام هُنَاكَ.
٣ - (بابُ الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الطّيب لأجل الْجُمُعَة، وَلَكِن لم يجْزم بِحكمِهِ للِاخْتِلَاف فِيهِ.
٨٨٠ - حدَّثنا عَلِيِّ قَالَ حدَّثنا حرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَة عنْ أبي بَكْرِ بنِ المُنْكَدِرِ قَالَ حدَّثني عَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أشْهَدُ عَلَى أبي سَعِيد قَالَ أشْهَدُ عَلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةَ واجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وأنْ يَسْتَنَّ وأنْ يَماسَّ طِيبا إنْ وَجَدَ قاال عَمْرٌ وأمَّا الغُسْلُ فَأَشْهَدُ أنَّهُ واجِبٌ وأمَّا الاسْتِنَانُ والطِّيبُ فَالله أعْلَمُ أوَاجِبٌ هُوَ أمْ لَا ولاكِنْ هَكَذَا فِي الحدِيثِ،.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَأَن يمس طيبا) .
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: عَليّ بن الْمَدِينِيّ. الثَّانِي: حرمي، بِفَتْح الْحَاء وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكسر الْمِيم: إِبْنِ عمَارَة، بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْمِيم، وَقد مر ذكره فِي: بَاب {فَإِن تَابُوا} (التَّوْبَة: ٥ و ١١) . . فِي كتاب الْإِيمَان. الثَّالِث: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع: أَبُو بكر بن الْمُنْكَدر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون: على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من الإنكدار: ابْن عبد الله بن ربيعَة الْمَدِينِيّ. الْخَامِس: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن سليم، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد مر فِي: بَاب إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد. السَّادِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: لفظ: أشهد، فِي موضِعين، وَأَرَادَ بِهِ الرَّاوِي تَأْكِيدًا لروايته وإظهارا لسماعه. وَفِيه: عَليّ، بِغَيْر