للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخطاب. وَالْمَعْرُوف من مَذْهَب مَالك: أَن نِكَاح الْأمة الذِّمِّيَّة لَا يجوز وَأَجَازَهُ الْآخرُونَ. قَوْله: {وَالله اعْلَم بإيمانكم} يَعْنِي: هُوَ الْعَالم بحقائق الْأُمُور وسرائرها وَإِنَّمَا لكم أَيهَا النَّاس الظَّاهِر من الْأُمُور. قَوْله: {بَعْضكُم من بعض} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنكُمْ مُؤمنُونَ وَأَنْتُم إخْوَة. وَالثَّانِي: أَنكُمْ بَنو آدم، وَإِنَّمَا قيل لَهُم هَذَا فِيمَا رُوِيَ لأَنهم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يعيرون بالهجانة ويسمون ابْن الْأمة هجيناً فَقَالَ تَعَالَى: {بَعْضكُم من بعض} قَوْله: {فانكهوهن بِإِذن اهلهن} يدل على أَن السَّيِّد هُوَ ولي أمته لَا تزوج إلَاّ بِإِذْنِهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ ولي عَبده وَلَا يتَزَوَّج إلَاّ بِإِذْنِهِ، وَإِن كَانَ مَالك الْأمة امْرَأَة زَوجهَا من يُزَوّج الْمَرْأَة بِإِذْنِهَا لما جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تزوج الْمَرْأَة الْمَرْأَة وَلَا تزوج الْمَرْأَة نَفسهَا، فَإِن الزَّانِيَة هِيَ الَّتِي تزوج نَفسهَا. قَوْله: {وآتوهن أُجُورهنَّ} أَي: وأعطوهن مهورهن أَي: عَن طيب نفس مِنْكُم وَلَا تبخسوهن مِنْهُ شَيْئا استهانة بِهن لكونهن إِمَاء مملوكات. قَوْله: {محصنات} أَي: عفائف عَن الزِّنَى لَا يتعاطينه، وَلِهَذَا قَالَ: {غير مسافحات} أَي: غير زواني اللَّاتِي لَا يمنعن أَنْفسهنَّ من أحد. قَوْله: ٠ أَي: أخلاه، وَهُوَ جمع خدن بِكَسْر الْخَاء وَهُوَ الصّديق وَكَذَلِكَ الْخَدين، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده: غير مسافحات زواني وَلَا متخذات أخدان أخلاء. قَوْله: فَإِذا أحصن فِيهِ قراءتان إِحْدَاهمَا: بِضَم الْهمزَة وَكسر الصَّاد. وَالْأُخْرَى: بِفَتْح الْهمزَة وَالصَّاد فعل لَازم، فَقيل: معنى الْقِرَاءَتَيْن وَاحِد. وَاخْتلفُوا فِيهِ على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: إِن المُرَاد بالإحصان هُنَا الْإِسْلَام، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَأنس وَالْأسود بن زيد وزر بن حُبَيْش وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَالسُّديّ، وَبِه قَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ والكوفيون وَالشَّافِعِيّ. وَالْآخر: أَن المُرَاد هَاهُنَا التَّزَوُّج، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَطَاوُس وَالْحسن وَقَتَادَة. قَوْله: يَعْنِي: الزِّنَى. قَوْله: {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} يَعْنِي: الْحَد كَمَا فِي قَوْله: ٠ النُّور: ٨ وَهُوَ خَمْسُونَ جلدَة وتغريب نصف سنة. قَوْله: إِشَارَة إِلَى نِكَاح الْإِمَاء عِنْد عدم الطول. قَوْله: {الْعَنَت} يَعْنِي: الْإِثْم وَالضَّرَر بِغَلَبَة الشَّهْوَة، هَكَذَا فسره الثَّعْلَبِيّ، وَيُقَال: الْعَنَت الزِّنَى وَهُوَ فِي الأَصْل الْمَشَقَّة. قَوْله: {وَإِن تصبروا} كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: وصبركم عَن نِكَاح الْإِمَاء خبر لكم

٣٦ - (بابٌ إِذا زَنَتِ الأمَةُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا زنت الْأمة وَلم يذكر جَوَاب إِذا الَّذِي هُوَ الحكم اكْتِفَاء بِمَا ذكره فِي الحَدِيث على عَادَته، وَلم يذكر الْأصيلِيّ هَذِه التَّرْجَمَة، وَجرى على ذَلِك ابْن بطال.

٦٨٣٨ - ح دّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالكٌ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عنْ عُبَيْدِ الله بن عَبْدِ الله عنْ أبي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بنِ خالِدٍ رَضِي الله عَنْهُمَا: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الأمَةِ إِذا زَنَتْ ولمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ: إِذا زَنَتْ فاجْلدُوها، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فاجْلِدُوها، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فاجْلِدُوها ثمَّ بيعُوها ولوْ بِضَفِيرٍ

قَالَ ابنُ شِهابٍ: لَا أدْرِي بَعْد الثَّالِثَةِ أَو الرَّابِعَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت

والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَعَن زُهَيْر بن حَرْب وَفِي الْعتْق عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله " وَلم تحصن " من الْإِحْصَان الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْعِفَّة عَن الزِّنَا وَفِي التَّلْوِيح اخْتلف الْعلمَاء فِي إِحْصَان الْإِمَاء غير ذَات الْأزْوَاج مَا هُوَ فَقَالَت طَائِفَة إِحْصَان الْأمة تَزْوِيجهَا فَإِذا زنت وَلَا زوج لَهَا فعلَيْهَا الْأَدَب وَلَا حد عَلَيْهَا هَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَطَاوُس وَقَتَادَة وَبِه قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَقَالَت طَائِفَة إحصانها إسْلَامهَا فَإِذا كَانَت الْأمة مسلمة وزنت وَجَبت عَلَيْهَا خَمْسُونَ جلدَة سَوَاء كَانَت ذَات زوج أَو لم تكن رُوِيَ هَذَا عَن عمر بن الْخطاب فِي رِوَايَة وَهُوَ قَول عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَأنس وَإِلَيْهِ ذهب النَّخعِيّ وَمَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَزعم أهل الْمقَالة الأولى أَنه لم يقل فِي هَذَا الحَدِيث وَلم تحصن غير مَالك وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا لِأَنَّهُ رَوَاهُ يحيى بن سعيد عَن ابْن شهَاب كَمَا رَوَاهُ مَالك وَرَوَاهُ كَذَلِك طَائِفَة عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ وَإِذا اتّفق مَالك وَيحيى وسُفْيَان على شَيْء فهم حجَّة على من خالفهم قَوْله " وَلَو

<<  <  ج: ص:  >  >>