للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا على أحدكُم، أَن وجد سَعَة أَن يتَّخذ ثَوْبَيْنِ للْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته؟) وروى ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد على شَرط مُسلم، عَن أبي سعيد مَرْفُوعا: (إِن من الْحق على الْمُسلم إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة السِّوَاك، وَأَن يلبس من صَالح ثِيَابه، وَأَن يطيب بِطيب إِن كَانَ) .

٨ - (بابُ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِعْمَال السِّوَاك يَوْم الْجُمُعَة، والسواك إسم لما يدلك بِهِ الْأَسْنَان من العيدان، يُقَال: ساك فَاه يسوكه إِذا دلكه بِالسِّوَاكِ، فَإذْ لم يذكر الْفَم. يُقَال: استاك، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: السِّوَاك المسواك.

وقَالَ أبُو سَعِيدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَن

أَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ، واسْمه سعد بن مَالك، وَهَذَا تَعْلِيق وَهُوَ طرف من حَدِيث أبي سعيد ذكره فِي: بَاب الطّيب للجمة، وَفِي الحَدِيث ذكر الْجُمُعَة، وَبِه يَقع التطابق بَين هَذَا الْمُعَلق والترجمة. قَوْله: (يستن) من الاستنان وَهُوَ الاستياك.

٨٨٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قالَ أخْبَرَنَا مالِكٌ عنْ أبِي الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كلِّ صَلاةٍ. (الحَدِيث ٨٨٧ طرفه فِي: ٧٢٤٠) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة، وَصَلَاة الْجُمُعَة من كل صَلَاة.

وَرِجَاله: قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة جَعْفَر بن ربيعَة بِلَفْظ: (على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ) ، وَعند النَّسَائِيّ من رِوَايَة قُتَيْبَة عَن مَالك: (مَعَ كل صَلَاة) ، وَزعم أَبُو عمر أَن رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك: (لَوْلَا أَن أشق على الْمُؤمنِينَ أَو على النَّاس لأمرتهم بِالسِّوَاكِ) ، وَكَذَا قَالَه القعْنبِي وَأَيوب بن صَالح ومعن، وَزَاد: (عِنْد كل صَلَاة) ، وَكَذَلِكَ قَالَ قُتَيْبَة فِيهِ: (عِنْد كل صَلَاة) ، وَلم يقل: أَو على النَّاس، وَذكر أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن طَاهِر فِي آخر كِتَابه (أَطْرَاف الْمُوَطَّأ) أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: (لَوْلَا أَن يشق على أمته لأمرهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء) ، وَأَنه مَوْقُوف عِنْد يحيى بن يحيى وَطَائِفَة، وَرَفعه روح وَسَعِيد بن عفير ومطرف وَجَمَاعَة عَن مَالك، قَالَ، وَرِوَايَة معن ومطرف وَجُوَيْرِية: (مَعَ كل صَلَاة) ، وَأما الدَّارَقُطْنِيّ فَذكر فِي (الْمُوَطَّأ) : أَن ابْن يُوسُف وَمُحَمّد بن يحيى قَالَا: (لَوْلَا أَن أشق على أمتِي أَو على النَّاس) وَقَالَ معن: (على الْمُؤمنِينَ أَو على النَّاس لأمرتهم بِالسِّوَاكِ) ، وَزَاد معن: (عِنْد كل صَلَاة) . انْتهى. وَكَأن قَول الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ الصَّوَاب، كَمَا ذكره البُخَارِيّ وَغَيره، وَادّعى ابْن التِّين أَنه لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث فِي (الْمُوَطَّأ) : (مَعَ كل صَلَاة) ، وَلَا قَوْله: (أَو على النَّاس) ، وَقد ظهر لَك خِلَافه، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَفِي الْبَاب عَن سَبْعَة عشر صحابيا ذكرهم التِّرْمِذِيّ. فَإِن قلت: كَيفَ التَّوْفِيق بَين رِوَايَة: عِنْد كل وضوء، وَرِوَايَة: عِنْد كل صَلَاة؟ قلت: السِّوَاك الْوَاقِع عِنْد الْوضُوء وَاقع للصَّلَاة لِأَن الْوضُوء مشرع لَهَا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَوْلَا) كلمة لربط امْتنَاع الثَّانِيَة لوُجُود الأولى، نَحْو: لَوْلَا زيد لأكرمتك، أَي: لَوْلَا زيد مَوْجُود، وَالْمعْنَى هَهُنَا، لَوْلَا مَخَافَة أَن أشق لأمرتهم أَمر إِيجَاب، وإلاّ لانعكس مَعْنَاهَا إِذْ الْمُمْتَنع: الْمَشَقَّة، وَالْمَوْجُود: الْأَمر. وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: لَوْلَا، كلمة تدل على انْتِفَاء الشَّيْء لثُبُوت غَيره، وَالْحق أَنَّهَا مركبة من: لَو، الدَّالَّة على انْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره، و: لَا، النافية، فَدلَّ الحَدِيث على انْتِفَاء الْأَمر لثُبُوت الْمَشَقَّة، لِأَن انْتِفَاء النَّفْي ثُبُوت، فَيكون الْأَمر منفيا لثُبُوت الْمَشَقَّة. قَوْله: (أَن أشق) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَهِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَخَبره مَحْذُوف وَاجِب الْحَذف، وَالتَّقْدِير: لَوْلَا الْمَشَقَّة مَوْجُودَة لأمرتهم. قَوْله: (أَو على النَّاس) ، شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (بِالسِّوَاكِ) أَي: بِاسْتِعْمَال السِّوَاك، لِأَن السِّوَاك آلَة.

ذكر الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِهِ: وَهُوَ على وُجُوه.

الأول: ان اسْتِعْمَال السِّوَاك، هَل هُوَ وَاجِب أم سنة؟ فَذهب أَكثر أهل الْعلم إِلَى عدم وُجُوبه، بل ادّعى بَعضهم فِيهِ الْإِجْمَاع، وَحكى الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالْمَاوَرْدِيّ عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>