أَن النَّهْي فِي حَدِيث رَافع مَحْمُول على مَا إِذا تضمن العقد شرطا فِيهِ جَهَالَة. قَوْله: (حقلاً) ، نصب على التَّمْيِيز، وَهُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف أَي: زرعا، وَقيل: هُوَ الفدان الَّذِي يزرع. قَوْله: (ذه) ، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وبسكون الْهَاء إِشَارَة إِلَى الْقطعَة. وَفِيه: بَيَان عِلّة النَّهْي.
٣١ - (بابٌ إذَا زَرَعَ بِمالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وكانَ فِي ذَلكَ صَلَاحٌ لَهُمْ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ بَيَان زرع أحد مَال قوم بِغَيْر إِذن مِنْهُم. قَوْله: (وَكَانَ) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فِي ذَلِك) ، أَي: فِي ذَلِك الزَّرْع (صَلَاح لَهُم) أَي: لهَؤُلَاء الْقَوْم.
٣٣٣٢ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدَّثنا أبُو ضُمْرَةَ قَالَ حدَّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَة عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَيْنَما ثلاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أخَذَهُمُ المَطَرُ فأوُوْا إِلَى غارٍ فِي جَبَلٍ فانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غارِهِمْ صَخْرَةٌ مِن الجَبلِ فانْطَبَقتْ عليْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أعْمالاً عَمِلْتُموها صالِحَةً لله فادْعوا الله بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُها عنْكُمْ قَالَ أحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَ لِي والِدَانِ شَيْخانِ كَبِيرانِ ولِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أرْعَى علَيْهِمْ فإذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ فبَدَأتُ بِوَالِدَيَّ أسقِيهِما قَبْلَ بَنِيَّ وإنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَات يَوْمٍ فَلَم آتِ حتَّى أمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا فحَلَبْتُ كَما كُنْتُ أحلُبُ فقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِما أكْرَهُ أنْ أُوقِظَهُما وأكرَهُ أنْ أسْقِيَ الصِّبْيَةَ والصِّبْيَةُ يتَضَاغُونَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حتَّى طلَعَ الفَجْرُ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ لَنا فَرْجَةً نَرى مِنْهَا السَّمَاءَ فَفَرَجَ الله فَرَأوْا السَّماءَ وَقَالَ الآخَرُ أللَّهُمَّ إنَّها كانتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ أحْبَبْتُها كأشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجالُ النِّساءَ فطَلَبْتُ مِنْها فأبَتْ حَتَّى أتَيْتُها بِمِائَةِ دِينارٍ فبَغَيْتُ حتَّى جَمَعْتُها فلَمَّا وقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْها قالَتْ يَا عَبْدَ الله اتَّقِ الله ولَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ إلَاّ بِحَقِّه فقُمْتُ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ فافْرُجْ عنَّا فَرْجَةً ففَرَجَ. وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إنِّي اسْتأجَرْتُ أجيرابِفَرَقِ أرُزٍّ فلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أعْطِنِي حَقِّي فعَرَضْتُ عَلَيْهِ فرَغِبَ عنْهُ فلَمْ أزَلْ أزْرَعُهُ حتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرا ورَاعِيهَا فَجاءَنِي فَقَالَ اتَّقِ الله فقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذالِكَ البَقَرِ ورُعَاتِها فَخُذْ فَقَالَ اتَّقِ الله ولَا تسْتَهْزِىءْ بِي فَقُلْتُ إنِّي لَا أسْتَهْزِيءُ بِكَ فخُذْ فأخَذَهُ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي فعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ فافْرُجْ مَا بَقِيَ فَفَرَجَ الله. قَالَ أَبُو عَبْدِ الله. وَقَالَ ابنُ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ فَسَعَيْتُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمُسْتَأْجر عيَّن للْأَجِير أُجْرَة، فَبعد إعراضه عَنهُ تصرف فِيهِ بِمَا فِيهِ صَلَاح لَهُ، فَلَو كَانَ تصرفه فِيهِ غير جَائِز لَكَانَ مَعْصِيّة، وَلَا يتوسل بِهِ إِلَى الله تَعَالَى. فَإِن قلت: التوسل إِنَّمَا كَانَ برد الْحق إِلَى مُسْتَحقّه بِزِيَادَتِهِ النامية، لَا بتصرفه. كَمَا أَن الْجُلُوس مَعَ الْمَرْأَة كَانَ مَعْصِيّة والتوسل لم يكن إلَاّ بترك الزِّنَا. قلت: لما ترك صَاحب الْحق الْقَبْض وَوضع الْمُسْتَأْجر يَده ثَانِيًا على الْفرق كَانَ وضعا مستأنفاً على ملك الْغَيْر، ثمَّ تصرفه فِيهِ إصْلَاح لَا تَضْييع، فاغتفر ذَلِك وَلم يعد تَعَديا، فَلم يمْنَع عَن التوسل بذلك، مَعَ أَن جلّ قَصده خلاصه من الْمعْصِيَة وَالْعَمَل بِالنِّيَّةِ، وَمَعَ هَذَا لَو هلك الْفرق لَكَانَ ضَامِنا لَهُ لعدم الْإِذْن فِي زراعته، وَبِهَذَا يُجَاب عَن قَول من قَالَ: لَا تصح هَذِه التَّرْجَمَة إلَاّ أَن يكون الزَّارِع مُتَطَوعا، إِذْ لَا خسارة على صَاحب المَال، لِأَنَّهُ لَو هلك كَانَ من الزَّارِع، وَإِنَّمَا تصح على سَبِيل التفضل بِالرِّبْحِ وَضَمان رَأس المَال، وَقد مرت هَذِه الْقِصَّة فِي كتاب الْبيُوع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute