(بابٌ: {وَإذَا جَاءَهُمْ أمْرٌ مِنَ الأمْنِ أوِ الخَوْفِ أذَاعُوا بِهِ} (النِّسَاء: ٨٣) أيْ أفْشَوْهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا جَاءَهُم} إِلَى آخِره. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَإِذا جَاءَهُم قوم من ضعفة الْمُسلمين الَّذين لم يكن فيهم خبْرَة الْأَحْوَال وَلَا استنباط الْأُمُور، كَانُوا إِذا بَلغهُمْ خبر عَن سَرَايَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَمن وسلامة أَو خوف وخلل إِذا عوابه، وَكَانَت إذاعتهم مفْسدَة، وَلَو ردوا ذَلِك الْخَبَر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى أولي الْأَمر وهم كبراء الصَّحَابَة البصراء بالأمور وَالَّذين كَانُوا يوقرون مِنْهُم (لعلمه الَّذين يستنبطونه) أَي: لعلم تَدْبِير مَا أخبروا بِهِ الَّذين يستنبطونه أَي: يستخرجون تَدْبيره بفطنتهم وتجاربهم ومعرفتهم بِأُمُور الْحَرْب ومكائدها. ثمَّ إِن تَفْسِير البُخَارِيّ. قَوْله: (أذاعوا بِهِ) بقوله: أَي: (أفشوه) نَقله ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: حَدثنَا زَكَرِيَّا حَدثنَا إِسْحَاق قَرَأت على أبي قُرَّة فِي تَفْسِير عَن ابْن جريج: أذاعوا بِهِ، أَي: أفشوه، أَي: أعلنوه، عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم، رُوِيَ عَن عِكْرِمَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك نَحوه.
يَسْتَنْبِطُونَهُ يَسْتَخْرِجُونَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة المترجم بهَا. يستنبطونه، يستخرجونه من الاستنباط، يُقَال: استنبط المَاء من الْبِئْر إِذا استخرجه.
حَسِيبا كَافِيا
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن لفظ حسيبا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الله كَانَ على كل شَيْء حسيبا} (النِّسَاء: ٨٦) كَافِيا.
إلَاّ إِنَاثًا يَعْنِي الَمَوَاتَ حَجَرا أوْ مَدَرَا وَمَا أشْبَهَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَن يدعونَ من دون إلَاّ إِنَاثًا} (النِّسَاء: ١١٧) وَفَسرهُ بقوله: (يَعْنِي الْموَات) وَالْمرَاد بالموات ضد الْحَيَوَان، وَلِهَذَا قَالَ: (حجرا أَو مدرا وَمَا أشبه ذَلِك) على طَرِيق عطف الْبَيَان أَو الْبَدَل، وَيُقَال: المُرَاد مِنْهُ اللات والعزى وَمَنَاة وَهِي أصنامهم، وَكَانُوا يَقُولُونَ: هِيَ بَنَات الله تَعَالَى عَن ذَلِك، وَقَالَ الْحسن: لم يكن حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب إلَاّ وَلَهُم صنم يعبدونه يُسمى: أُنْثَى بني فلَان، وَهَذَا التَّفْسِير الَّذِي ذكره مَنْقُول عَن أبي عُبَيْدَة نَحوه.
مَرِيدا مُتَمَرِّدا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأَن يدعونَ إلَاّ شَيْطَانا مرِيدا} وَفسّر قَوْله: (مرِيدا) بقوله: (متمردا) وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة بِلَفْظِهِ. وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة. قَالَ: متمردا على مَعْصِيّة الله تَعَالَى، وَهَذَا لم يَقع إلَاّ للمستملي وَحده.
فَليُبَتِّكُنَّ بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فليبتكن آذان الْأَنْعَام} (النِّسَاء: ١١٩) وَقَالَ: إِنَّه من بتكه، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفَسرهُ بِقطعِهِ، بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة. وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة، كَانُوا يبتكون آذان الْأَنْعَام لطواغيتهم.
قِيلاً وَقَوْلاً وَاحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمن أصدق من الله قِيلاً} (النِّسَاء: ١٢٢) قَوْله: (قيلا وقولاً وَاحِد) ، يَعْنِي: كِلَاهُمَا مصدران بِمَعْنى وَاحِد، وأصل قيلاً قولا قلبت الْوَاو يَاء لوقوعها بعد الكسرة.
طبِعَ خُتِمَ أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {طبع الله على قُلُوبهم} (النِّسَاء: ١٥٥) فسر طبع بقوله: ختم، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.
١٦ - (بابٌ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ} (النِّسَاء: ٩٣)