حدَّثني يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَرَ أنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ منْ رَمَضَانَ فاسْتَأذَنَتْهُ عائِشَة فأذِنَ لَها وسألَتْ حَفْصَةُ عائِشَةَ أنْ تَسْتَأذِنَ لَها فَفَعَلَتْ فلمَّا رَأتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابنَةُ جَحْشٍ أمَرَتْ بِبِناءٍ فبُنِيَ لَهَا قالَتْ وكانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا صَلَّى انْصَرَفَ إلَى بِنَائِهِ فبَصُرَ بالأبْنِيَةِ فَقَالَ مَا هَذَا قالُوا بِناءُ عائِشَةَ وحفْصَةَ وزَيْنَبَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلْبِرَّ أرَدْنَ بِهَذَا مَا أنَا بِمُعْتَكِفٍ فرَجَعَ فلَمَّا أفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرا مِنْ شَوَّالٍ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذكر أَن يعْتَكف ثمَّ بدا لَهُ من جِهَة أبنية نِسَائِهِ، فَرجع وَلم يعْتَكف. وَعبد الله هُوَ ابْن لمبارك، وَالْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. ومباحث هَذَا الحَدِيث قد مَضَت مستقصاة.
قَوْله: (ذكر) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للنَّاس أَنه يُرِيد أَن يعْتَكف. قَوْله: (فاستأذنته عَائِشَة) فِي موافقتها لَهُ فِي الِاعْتِكَاف (فَأذن لَهَا) قَوْله: (أمرت بِبِنَاء) ، أَي: بِضَرْب خيمة لَهَا أَيْضا فِي الْمَسْجِد. قَوْله: (بالأبنية) جمع بِنَاء، وَالْمرَاد هِيَ: الخيم. قَوْله: (آلبر؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَبِالنَّصبِ بقوله: (أردن؟) أنكر عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِك لأحد الْأَسْبَاب الْمَذْكُورَة فِي: بَاب الِاعْتِكَاف لَيْلًا. قَوْله: (فَرجع) ، أَي: من الِاعْتِكَاف أَي: تَركه.
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: تقدم أَنه اعْتكف الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمَا التَّوْفِيق بَينهمَا؟ قلت: لَا بُد من الْتِزَام اخْتِلَاف الْوَقْتَيْنِ جمعا بَين الْحَدِيثين.
وَفِيه: إِشَارَة إِلَى الْجَزْم بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يدْخل فِي الِاعْتِكَاف ثمَّ خرج مِنْهُ، بل تَركه قبل الدُّخُول فِيهِ وَهُوَ ظَاهر، خلافًا لمن خَالف فِيهِ.
٩١ - (بابُ المُعْتَكِفِ يُدْخِلِ رَأسَهُ البَيْتَ لِلْغُسْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان شَأْن الْمُعْتَكف الَّذِي يدْخل رَأسه فِي الْبَيْت لأجل غسل الرَّأْس، و: يدْخل، بِضَم الْيَاء من الإدخال، وَالْبَيْت مَنْصُوب على المفعولية، وَاللَّام فِي: الْغسْل، لَام التَّعْلِيل.
٦٤٠٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ قَالَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّهَا كانَتْ تُرَجِّلُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْيَ حائِضٌ وهْوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ وهْيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأسَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ومباحثه قد مرت فِي: بَاب الْحَائِض ترجل الْمُعْتَكف فِي أَوَائِل كتاب الِاعْتِكَاف، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وَهِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ.
قَوْله: (ترجل) أَي: تمشط شعر رَأسه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْله: (وَهِي حَائِض) ، جملَة حَالية، وَكَذَلِكَ قَوْله: (وَهُوَ معتكف) أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، معتكف. قَوْله: (يناولها) أَي: يمِيل رَأسه إِلَيْهَا لتمشطه، وَكَانَ بَاب الْحُجْرَة إِلَى الْمَسْجِد، وَكَانَت عَائِشَة تقعد فِي حُجْرَتهَا من وَرَاء الْقبَّة، وَيقْعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد خَارج الْحُجْرَة، فيميل رَأسه إِلَيْهَا. وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
٤٣ - (كِتَابُ البُيُوعِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْبيُوع، وَلما فرغ البُخَارِيّ من بَيَان الْعِبَادَات الْمَقْصُود مِنْهَا التَّحْصِيل الأخروي، شرع فِي بَيَان الْمُعَامَلَات الْمَقْصُود مِنْهَا التَّحْصِيل الدنيوي، فَقدم الْعِبَادَات لاهتمامها، ثمَّ ثنى بالمعاملات لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّة، وَأخر النِّكَاح لِأَن شَهْوَته مُتَأَخِّرَة عَن الْأكل وَالشرب وَنَحْوهمَا، وَأخر الْجِنَايَات والمخاصمات لِأَن وُقُوع ذَلِك فِي الْغَالِب إِنَّمَا هُوَ بعد الْفَرَاغ من شَهْوَة الْبَطن والفرج، وَأغْرب ابْن بطال فَذكر هُنَا الْجِهَاد، وَأخر البيع إِلَى أَن فرغ من الْأَيْمَان