ذكر الْخمس، لكنه يفهم من معنى الحَدِيث، وروى إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء ابْن السَّائِب عَن أَبِيه عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي وَفَاطِمَة: لَا أخدمكما وأدع أهل الصّفة يطوون جوعا لَا أجد مَا أنْفق عَلَيْهِم، لَكِن أبيعه فأنفقه عَلَيْهِم.
وَبدل، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وباللام: ابْن المحبر، بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: مر فِي الصَّلَاة، وَالْحكم: بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَابْن أبي ليلى هُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (الْجَامِع) : إِذا أطلق المحدثون: ابْن أبي ليلى، يعنون: عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَإِذا أطلقهُ الْفُقَهَاء يُرِيدُونَ ابْنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فَضَائِل عَليّ عَن بنْدَار عَن غنْدر، وَفِي النَّفَقَات عَن مُسَدّد، وَفِي الدَّعْوَات عَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَبُنْدَار وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن عبد الله بن معَاذ عَن أَبِيه وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن ابْن أبي عدي. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسَدّد بِهِ وَعَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة بِهِ.
قَوْله:(مَا تلقى من الرَّحَى مِمَّا تطحن) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: مَا تلقى من الرَّحَى فِي يَدهَا. قَوْله:(أَتَى بسبي) السَّبي النهب، وَأخذ النَّاس عبيدا وإماء. قَوْله:(خَادِمًا) هُوَ يُطلق على العَبْد وَالْجَارِيَة. قَوْله:(فَلم توافقه) ، أَي: لم تصادفه وَلم تَجْتَمِع بِهِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَلم تَجدهُ، وَلَقِيت عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخْبرته عَائِشَة بمجيء فَاطِمَة إِلَيْهَا. قَوْله:(فَأَتَانَا) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْحَال أَنا قد أَخذنَا مضاجعنا. قَوْله:(فذهبنا لنقوم) ، أَي: لِأَن نقوم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فذهبنا نقوم. قَوْله:(على مَكَانكُمَا) ، أَي: لَا تفارقا عَن مَكَانكُمَا والزماه، وَفِي رِوَايَة مُسلم: على مَكَانكُمَا، فَقعدَ بَيْننَا. قَوْله:(حَتَّى وجدت برد قَدَمَيْهِ على صَدْرِي) وَكلمَة: حَتَّى، غَايَة لمقدر تَقْدِيره: فَدخل هُوَ فِي مضجعنا، ولظهوره ترك، وَفِي لفظ: وَكَانَت لَيْلَة بَارِدَة، وَقد دخلت هِيَ وَعلي فِي اللحاف، فأرادا أَن يلبسا الثِّيَاب، وَكَانَ ذَلِك لَيْلًا، وَفِي لفظ جَابر: من عِنْد رأسهما، وَأَنَّهَا أدخلت رَأسهَا فِي اللفاع يَعْنِي: اللحاف، حَيَاء من أَبِيهَا. قَالَ عَليّ: حَتَّى وجدت برد قَدَمَيْهِ على صَدْرِي فسخنتها، وروى مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن فَاطِمَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا وَشَكتْ الْعَمَل، فَقَالَ: مَا ألفيته عندنَا؟ قَالَ: أَلا أدلك على خير ... ؟ الحَدِيث. وَفِي (علل) الدَّارَقُطْنِيّ: أَن أم سَلمَة هِيَ الَّتِي قَالَت لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ابْنَتي فَاطِمَة جاءتك تلتمسك ... الحَدِيث، وروى أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا عَيَّاش بن عقبَة الْحَضْرَمِيّ عَن الْفضل بن حسن الضمرِي: أَن أم الحكم أَو ضباعة ابْنَتي الزبير حدثته عَن إِحْدَاهمَا. إِنَّهَا قَالَت: أصَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبياً، فَذَهَبت أَنا وأختي فَاطِمَة بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكونا إِلَيْهِ مَا نَحن فِيهِ، وسألناه أَن يَأْمر لنا بِشَيْء من السَّبي، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سبقكن يتامى بدر، ثمَّ ذكر قصَّة التَّسْبِيح. قَوْله:(أَلا أدلكما على خير مِمَّا سألتما؟) ويروى: سألتماه؟ بالضمير، وَإِنَّمَا أسْند السُّؤَال إِلَيْهِمَا مَعَ أَن السَّائِل هِيَ فَاطِمَة فَقَط، لِأَن سؤالها كَانَ بِرِضَاهُ، فَإِن قلت: أَيْن وَجه الْخَيْرِيَّة فِي الدُّنْيَا أَو الْآخِرَة أَو فيهمَا؟ قلت: فَائِدَة الذّكر ثَوَاب الْآخِرَة، وَفَائِدَة الْجَارِيَة خدمَة الطَّحْن وَنَحْوه، وَالثَّوَاب أَكثر وَأبقى فَهُوَ خير.
٧ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فإنَّ لله خُمُسَهُ ولِلْرَّسُولِ} (الْأَنْفَال: ١٤) . يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ قَالَ رسوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّما أنَا قاسِمٌ وخازِنٌ وَالله يُعْطِي)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان معنى قَول الله تَعَالَى: {فَإِن لله خمسه}(الْأَنْفَال: ١٤) . إِلَى آخِره، هَذَا اللَّفْظ من قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل}(الْأَنْفَال: ١٤) . الْآيَة، بَين الله تَعَالَى فِيهَا إحلال الْغَنَائِم لهَذِهِ الْأمة من بَين سَائِر الْأُمَم، وَالْغنيمَة هِيَ المَال الْمَأْخُوذ من الْكفَّار بِإِيجَاف الْخَيل والركاب، والفيء مَا أَخذ مِنْهُم بِغَيْر ذَلِك كالأموال الَّتِي يصالحون عَلَيْهَا، أَو يتوفون عَنْهَا وَلَا وَارِث لَهُم، والجزية وَالْخَرَاج وَنَحْو ذَلِك، قَوْله:(يَعْنِي للرسول قسم ذَلِك) هَذَا تَفْسِير البُخَارِيّ قَوْله تَعَالَى: {فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ}(الْأَنْفَال: ١٤) . قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي: للرسول قسمته، لَا أَن سَهْما مِنْهُ لَهُ، ثمَّ قَالَ: وَقَالَ شَارِح (التراجم) : مَقْصُود البُخَارِيّ تَرْجِيح قَول من قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يملك خمس الْخمس، وَإِنَّمَا كَانَ إِلَيْهِ قسمته فَقَط.
قلت: هَذَا الْبَاب فِيهِ اخْتِلَاف لِلْمُفَسِّرِينَ، فَقَالَ بَعضهم: لله نصيب يَجْعَل فِي الْكَعْبَة، فَعَن أبي عالية الريَاحي: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم