بَعضهم فِي جَوَاز الصَّلَاة فِي الثِّيَاب الْحَرِير لكَونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يعد تِلْكَ الصَّلَاة وَلَا حجَّة لَهُم فِي ذَلِك لِأَن ترك إِعَادَتهَا لكَونهَا وَقعت قبل التَّحْرِيم أما بعد فَفِيهِ اخْتِلَاف الْعلمَاء فَقَالَ أَصْحَابنَا تصح صلَاته وَلكنهَا تكره وَيَأْثَم لارتكابه الْحَرَام وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك من صلى فِي ثوب حَرِير يُعِيد فِي الْوَقْت إِن وجد ثوبا غَيره وَعَلِيهِ جلّ أَصْحَابه وَقَالَ أَشهب لَا إِعَادَة عَلَيْهِ فِي الْوَقْت وَلَا فِي غَيره وَهُوَ قَول أصبغ وخفف ابْن الْمَاجشون لِبَاسه فِي الْحَرْب وَالصَّلَاة للترهيب على الْعَدو والمباهات وَقَالَ آخَرُونَ إِن صلى فِيهِ وَهُوَ يعلم أَن ذَلِك لَا يجوز يُعِيد. وَمِنْهَا أَن فِيهِ جَوَاز قبُول هَدِيَّة الْمُشرك للْإِمَام لمصْلحَة يَرَاهَا
٧١ - (بابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الأحْمَرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْأَحْمَر، يَعْنِي: تجوز. وَقَالَ بَعضهم: يُشِير إِلَى الْجَوَاز، وَالْخلاف فِي ذَلِك مَعَ الْحَنَفِيَّة. قلت: لَا خلاف للحنيفة فِي جَوَاز ذَلِك، وَلَو عرف هَذَا الْقَائِل مَذْهَب الْحَنَفِيَّة لما قَالَ ذَلِك، وَلم يكتف بِهَذَا حَتَّى قَالَ: وتأولوا حَدِيث الْبَاب بِأَنَّهَا كَانَت حلَّة من برود فِيهَا خطوط حمر، وَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّأْوِيل، لأَنهم لم يَقُولُوا بِحرْمَة لبس الْأَحْمَر حَتَّى تأولوا هَذَا، وَإِنَّمَا قَالُوا: مَكْرُوه لحَدِيث آخر، وَهُوَ نَهْيه عَن لبس المعصفر، وَالْعَمَل بِمَا رُوِيَ من الْحَدِيثين أولى من الْعَمَل بِأَحَدِهِمَا، فاحتجوا بِالْأولِ على الْجَوَاز، وَبِالثَّانِي على الْكَرَاهَة. وَقَالَ أَيْضا: وَمن أدلتهم مَا أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد ابْن عَمْرو قَالَ: (مر بِالنَّبِيِّ رجل وَعَلِيهِ ثَوْبَان أَحْمَرَانِ، فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ) . وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد. قلت: عرق العصبية حِين تحرّك حمله على أَن سكت عَن قَول التِّرْمِذِيّ، عقيب إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث: هَذَا حَدِيث حسن.
٦٧٣٢٤ - ح دّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ قالَ حدّثني عُمَرُ بنُ أبي زَائِدَةَ عنْ عَوْنِ ابْنِ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ قالَ رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ فِي قُبَّةٍ حَمْراءَ مِنْ أَدَمٍ وَرَأيْتُ بلَالاً أخَذَ وَضُوءَ رسولِ الله وَرَأيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ فَمَنْ أصابَ مِنْهُ شيْئاً تَمَسَّحَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئاً أخذَ مِنْ بَلَلٍ يَدِ صاحِبِهِ ثُمَّ رَأيْتُ بِلَالاً أخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَها وخَرَجَ النَّبيُّ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّراً صَلَّى إلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَرَأيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَي العَنَزَةِ. .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد بن عرْعرة، بالمهملتين المفتوحتين وَسُكُون الرَّاء الأولى، مر فِي بَاب خوف الْمُؤمن أَن يحبط عمله. الثَّانِي: عمر بن أبي زَائِدَة، أَخُو زَكَرِيَّا الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَعمر بِدُونِ: الْوَاو. الثَّالِث: عون، بالنُّون فِي آخِره: ابْن أبي جُحَيْفَة. الرَّابِع: أَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء المهلة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء وَفِي آخِره هَاء: واسْمه وهب بن عبد االسوائي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وبالهمزة بعد الْألف: الْكُوفِي، مر فِي كتاب الْعلم.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن مُحَمَّد بن عرْعرة عَن عون بِهِ، وَفِي اللبَاس أَيْضا عَن إِسْحَاق عَن النَّضر بن شُمَيْل عَنهُ بِبَعْضِه. وَأخرجه أَيْضا فِي بَاب ستْرَة الإِمَام ستْرَة من خَلفه، وَبعده بِقَلِيل فِي بَاب الصَّلَاة إِلَى العنزة. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن بهز عَنهُ، وَأخرجه أَيْضا عَن مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار، وَعَن زُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي عَن وَكِيع. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام عَن إِسْحَاق الْأَزْرَق. وَأخرجه ابْن ماجة فِي الصَّلَاة عَن أَيُّوب بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute