للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن يكون مثلت لَهُم أَحْوَالهم الَّتِي كَانَت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا كَيفَ تعبودا وَكَيف حجُّوا وَكَيف لبوا، وَلِهَذَا قَالَ: كَأَنِّي، وَيحْتَمل أَن يكون إخْبَاره ذَلِك بِالْوَحْي عَنهُ، وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك فِي الْمَنَام، ومنام الْأَنْبِيَاء وَحي، وَحَدِيث مُسلم الْمَذْكُور حجَّة على الْمُهلب، ورد لما قَالَه وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمُنَاسب لذكر الدَّجَّال ذكر عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قلت: قَالَ ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى أَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هُوَ الَّذِي يقتل الدَّجَّال، وَلَو كَانَ لَهُ اطلَاع على الحَدِيث الْمَذْكُور لما ادّعى هَذِه الْمُنَاسبَة.

١٣ - (بابٌ كيُفَ تُهِلُ الحَائِضُ والنُّفَساءُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة إهلال الْحَائِض وَالنُّفَسَاء، وَالْمرَاد بالإهلال الْإِحْرَام.

أهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ وَاسْتَهْلَلْنَا وأهْلَلْنَا الهِلَالَ كُلّهُ مِنَ الظّهُورِ وَاسْتَهَلَّ المَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ وَمَا أُهِلَّ لِغيرِ الله وَهْوَ مِنِ اسْتِهْلالِ الصَّبِيِّ

جرى البُخَارِيّ على دأبه أَنه إِذا رأى مَادَّة من الْكَلَام تسْتَعْمل فِي معانٍ كَثِيرَة مِمَّا جَاءَ فِي الْكتاب أَو فِي السّنة يذكر ذَلِك ويبينه، وَذكر أَشْيَاء مِنْهَا، قَوْله: (أهلَّ: تكلم بِهِ) يَعْنِي: إِذا تكلم أظهره مَا فِي قلبه. وَمِنْهَا قَوْله: (استهللنا وأهللنا الْهلَال) ، يَعْنِي: طلبنا ظُهُوره، وَيُقَال: أهل الْهلَال واستهل، على مَا لم يسم فَاعله، وَيُقَال أَيْضا: اسْتهلّ على صِيغَة الْمَعْلُوم، وَمَعْنَاهُ: تبين، وَلَا يُقَال أهلَّ. وَيُقَال: أَهْلَلْنَا عَن لَيْلَة كَذَا، وَلَا يُقَال: أهللناه فَهَل، كَمَا يُقَال: أدخلْنَاهُ فَدخل وَهُوَ قِيَاسه. وَمِنْهَا: (اسْتهلّ الْمَطَر) إِذا ظهر نُزُوله من السَّحَاب بِصَوْت، وَيُقَال: تهلل وَجه الرجل من فرحه، واستهل إِذا ظهر سروره، وتهللت دُمُوعه إِذا سَالَتْ، وانهلت السَّمَاء: صبَّتْ، وانهل الْمَطَر إنهلالاً إِذا سَالَ بِشدَّة، وَمِنْهَا قَوْله: {وَمَا أهلَّ لغير الله} مَعْنَاهُ: إِذا نُودي عَلَيْهِ بِغَيْر إسم الله، وَأَصله رفع صَوت الذَّابِح عِنْد الذّبْح. وَمِنْهَا قَوْله: (وَهُوَ من استهلال الصَّبِي) وَهُوَ ظُهُور صياحه عِنْد الْولادَة، وَمِنْه: أهل الْمُعْتَمِر، إِذا رفع صَوته بِالتَّلْبِيَةِ. قَوْله: (كُله من الظُّهُور) أَي: كل وَاحِد من أهلَّ واستهللنا، وأهللنا من الظُّهُور، وَهَذَا كَانَ مَحَله أَن يذكر بعد قَوْله: (وَهُوَ من استهلال الصَّبِي) ، لِأَن جَمِيع مَا ذكره من الْموَاد الْمَذْكُورَة من الظُّهُور، وَذكره بعد قَوْله: (وأهللنا الْهلَال) فِي غير مَحَله.

٦٥٥١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حدَّثنا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ خَرَجْنا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فأهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قالَ النبيُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وأنَا حائِضٌ ولَمْ أطُفْ بِالبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ فشَكَوْتُ ذالكَ إلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ انْقُضِي رأْسَكِ وَامتَشِطِي وَأهِلِّي بالحَجِّ ودعِي العُمْرَةَ فَفَعَلْتُ فلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أرْسَلَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمَ فاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هاذَا مَكانُ عُمْرَتِكَ قالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ كانُوا أهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ ثُمَّ أحَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافا وَاحِدا بَعْدَ أنْ رَجَعُوا مِنْ مِنىً وَأمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فإنَّمَا طافُوا طَوَافا واحِدا..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (انقضي رَأسك وامتشطي) إِلَى قَوْله: (هَذِه مَكَان عمرتك) .

وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وَعبد الله بن مسلمة، بِفَتْح الميمين: هُوَ القعْنبِي، وَابْن شهَاب: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي الْحيض، وَعقد لَهُ بَابا بقوله: بَاب كَيفَ تهل الْحَائِض بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة: حَدثنَا يحيى بن بكير، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَت: خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... الحَدِيث، وَبَين الطَّرِيقَيْنِ والمتن

<<  <  ج: ص:  >  >>